|

في مستشفى شهداء الأقصى بمدينة دير البلح وسط قطاع غزة، تقف إيمان النوري وزوجها حاتم في حالة من الانهيار، إلى جانب سرير طفلهما الجريح سراج، البالغ من العمر عامين ونصفا، والذي فقد إحدى عينيه في غارة إسرائيلية استهدفت منطقة قريبة من مركز طبي.

حاتم وإيمان النوري فقدا اثنين من أبنائهما عمر وأمير أثناء وقوفهما في طابور للحصول على المكملات الغذائية في غزة (رويترز)

وفي الغارة ذاتها، فقد الزوجان اثنين من أطفالهما، عمر (8 أعوام) وأمير (5 أعوام)، بينما أصيب سراج بجروح خطيرة نُقل على إثرها إلى العناية المركزة.

Palestinian boy Siraj Al-Nouri, who was wounded in the July 10 Israeli strike the killed his two brothers, Omar and Amir, while they were queuing for supplements near a medical center, lies on a bed receiving treatment at Al-Aqsa Martyrs Hospital in Deir al-Balah, in the central Gaza Strip, July 14, 2025. REUTERS/Ramadan Abed
سراج النوري الذي أصيب في الطابور المستهدف من الغارة الإسرائيلية التي قتلت شقيقيه عمر وأمير (رويترز)

ووقع القصف الإسرائيلي في وقت مبكر يوم الحادثة، بينما كان الأطفال الثلاثة في طريقهم إلى مركز صحي محلي للحصول على مكملات غذائية، في منطقة تُعد من الناحية المدنية آمنة، وتديرها مؤسسات صحية متعددة.

وبحسب وزارة الصحة في غزة، فإن الغارة أسفرت عن استشهاد 16 شخصا، بينهم 10 أطفال، بينما أكدت المنظمة الدولية أن الضربة وقعت على مقربة من عيادتها في حي الطيارة بدير البلح.

Palestinian children walk, near the site of an overnight Israeli strike on a school sheltering displaced people, in Bureij refugee camp, in the central Gaza Strip, July 8, 2025. REUTERS/Ramadan Abed
موقع غارة إسرائيلية ليلية على مدرسة تؤوي نازحين في مخيم البريج للاجئين في وسط قطاع (رويترز)

وتقول الأم المكلومة، التي فقدت اثنين من أبنائها في لحظات، إن أطفالها غادروا المنزل بحثا عن غذاء يسد رمقهم في ظل ندرة المواد الغذائية بفعل الحصار، لكنهم لم يعودوا. وتضيف: “استيقظوا في الصباح الباكر، وذهبوا لمركز طبي قريب للحصول على مكملات غذائية، لأن الطعام غير متوفر… لم يمر وقت طويل على خروجهم، حتى وقعت الغارة”.

Palestinian mother Samah Al-Nouri, whose daughter Sama was killed in an Israeli strike on Thursday near a medical center in Deir Al-Balah, comforts her son, as casualties from the strike are brought into Al-Aqsa Martyrs Hospital, in Deir al-Balah, central Gaza Strip, July 10, 2025. REUTERS/Ramadan Abed TPX IMAGES OF THE DAY
الأم الفلسطينية سماح النوري التي قُتلت ابنتها سما في غارة إسرائيلية بالقرب من مركز طبي في دير البلح تعزي ابنها (رويترز)

وتتابع بأسى أن أمير وابنة عمه سما استُشهدا على الفور، بينما وصل عمر إلى المستشفى وهو لا يزال على قيد الحياة، لكنّ تعذّر تأمين الدم اللازم له في الوقت المناسب أدى إلى استشهاده أيضا، رغم محاولات والده التبرع بدمه لإنقاذه.

Palestinian mother Samah Al-Nouri, whose daughter Sama was killed in an Israeli strike on Thursday near a medical center in Deir Al-Balah, comforts her son, as casualties from the strike are brought into Al-Aqsa Martyrs Hospital, in Deir al-Balah, central Gaza Strip, July 10, 2025. REUTERS/Ramadan Abed TPX IMAGES OF THE DAY
شقيق الطفلة سما بدا منهارا ووالدته تواسيه بفاجعة فقدان شقيقته في القصف الإسرائيلي (رويترز)

وتشير الأم إلى أن طفلها سراج تعرض لإصابة بالغة في العين، وتقول إن الأطباء لم يتمكنوا من إنقاذها، مما جعله يفقد بصره جزئيا. وتوضح أن الغارة لم تستهدف موقعا عسكريا كما تقول إسرائيل، بل أصابت أطفالا كانوا يسعون للحصول على الغذاء في منطقة خالية من المخاطر، وهو ما يزيد من مأساة العائلة، التي كانت بالكاد تؤمّن احتياجات أطفالها في ظل ظروف الحرب والحصار.

Palestinian mother Iman Al-Nouri shows a picture of her son Amir, who was killed along with his brother Omar in the July 10 Israeli strike while they were queuing for supplements near a medical center, as Iman's son Siraj, who was wounded in the same strike, receives treatment at Al-Aqsa Martyrs Hospital in Deir al-Balah, in the central Gaza Strip, July 14, 2025. REUTERS/Ramadan Abed
أمير الذي قُتل مع شقيقه عمر في الغارة الإسرائيلية التي استهدفت طابور الحصول على المكملات الغذائية (رويترز)

وتناشد إيمان المجتمع الدولي السماح بعلاج طفلها سراج خارج غزة، مؤكدة أن القطاع الصحي المنهار لم يعد قادرا على تقديم الرعاية المناسبة للأطفال المصابين. وتقول إن العائلة فقدت كل شيء، “فقدنا أطفالنا، وفقدنا قدرتنا على الاحتمال… لا نطلب شيئا سوى أن يُمنح سراج فرصة للعلاج، وألا يُدفن حلمه كما دُفن إخوته”.

Palestinian father Hatem Al-Nouri, who lost two of his children, Omar and Amir, in the July 10 Israeli strike while they were queuing for supplements near a medical center, reacts as he accompanies his son Siraj, who was wounded in the same strike, at Al-Aqsa Martyrs Hospital in Deir al-Balah, in the central Gaza Strip, July 14, 2025. REUTERS/Ramadan Abed
الأب حاتم النوري الذي فقد اثنين من أبنائه عمر وأمير في الغارة الإسرائيلية وسراج يرقد جريحا في العناية المركزة (رويترز)

وتعيش الأسرة اليوم وسط غياب قاتل في منزل صامت، تقول الأم إن الحياة كانت تنبض فيه بضحكات الأطفال قبل أن تتحول جدرانه إلى جدران كئيبة. “كانوا يملؤون البيت بالحياة، كانوا لا يحبون الابتعاد عني، كانوا يحلمون بحياة كريمة مثل باقي أطفال العالم، لكن أحلامهم دُفنت تحت الأنقاض”.

Palestinian mother Iman Al-Nouri, who lost two of her children, Omar and Amir, in the July 10 Israeli strike while they were queuing for supplements near a medical center, kisses a soft toy belongings to her son Siraj, who was wounded in the same strike and is being treated at Al-Aqsa Martyrs Hospital, at her home in Deir al-Balah, in the central Gaza Strip, July 15, 2025. REUTERS/Ramadan Abed TPX IMAGES OF THE DAY
الأم تعيش اليوم وسط غياب قاتل في منزل صامت (رويترز)

وتأتي هذه الحادثة في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، والتي أدت إلى استشهاد أكثر من 58 ألف فلسطيني، بحسب وزارة الصحة في القطاع، بينما يعيش أكثر من مليوني إنسان تحت الحصار، ويواجهون خطر الجوع وسوء التغذية، في واحدة من أشد الأزمات الإنسانية في تاريخ غزة.

شاركها.