23/7/2025–|آخر تحديث: 10:21 (توقيت مكة)
في مستشفى شهداء الأقصى بمدينة دير البلح وسط قطاع غزة، تقف إيمان النوري وزوجها حاتم في حالة من الانهيار، إلى جانب سرير طفلهما الجريح سراج، البالغ من العمر عامين ونصفا، والذي فقد إحدى عينيه في غارة إسرائيلية استهدفت منطقة قريبة من مركز طبي.
وفي الغارة ذاتها، فقد الزوجان اثنين من أطفالهما، عمر (8 أعوام) وأمير (5 أعوام)، بينما أصيب سراج بجروح خطيرة نُقل على إثرها إلى العناية المركزة.

ووقع القصف الإسرائيلي في وقت مبكر يوم الحادثة، بينما كان الأطفال الثلاثة في طريقهم إلى مركز صحي محلي للحصول على مكملات غذائية، في منطقة تُعد من الناحية المدنية آمنة، وتديرها مؤسسات صحية متعددة.
وبحسب وزارة الصحة في غزة، فإن الغارة أسفرت عن استشهاد 16 شخصا، بينهم 10 أطفال، بينما أكدت المنظمة الدولية أن الضربة وقعت على مقربة من عيادتها في حي الطيارة بدير البلح.

وتقول الأم المكلومة، التي فقدت اثنين من أبنائها في لحظات، إن أطفالها غادروا المنزل بحثا عن غذاء يسد رمقهم في ظل ندرة المواد الغذائية بفعل الحصار، لكنهم لم يعودوا. وتضيف: “استيقظوا في الصباح الباكر، وذهبوا لمركز طبي قريب للحصول على مكملات غذائية، لأن الطعام غير متوفر… لم يمر وقت طويل على خروجهم، حتى وقعت الغارة”.

وتتابع بأسى أن أمير وابنة عمه سما استُشهدا على الفور، بينما وصل عمر إلى المستشفى وهو لا يزال على قيد الحياة، لكنّ تعذّر تأمين الدم اللازم له في الوقت المناسب أدى إلى استشهاده أيضا، رغم محاولات والده التبرع بدمه لإنقاذه.

وتشير الأم إلى أن طفلها سراج تعرض لإصابة بالغة في العين، وتقول إن الأطباء لم يتمكنوا من إنقاذها، مما جعله يفقد بصره جزئيا. وتوضح أن الغارة لم تستهدف موقعا عسكريا كما تقول إسرائيل، بل أصابت أطفالا كانوا يسعون للحصول على الغذاء في منطقة خالية من المخاطر، وهو ما يزيد من مأساة العائلة، التي كانت بالكاد تؤمّن احتياجات أطفالها في ظل ظروف الحرب والحصار.

وتناشد إيمان المجتمع الدولي السماح بعلاج طفلها سراج خارج غزة، مؤكدة أن القطاع الصحي المنهار لم يعد قادرا على تقديم الرعاية المناسبة للأطفال المصابين. وتقول إن العائلة فقدت كل شيء، “فقدنا أطفالنا، وفقدنا قدرتنا على الاحتمال… لا نطلب شيئا سوى أن يُمنح سراج فرصة للعلاج، وألا يُدفن حلمه كما دُفن إخوته”.

وتعيش الأسرة اليوم وسط غياب قاتل في منزل صامت، تقول الأم إن الحياة كانت تنبض فيه بضحكات الأطفال قبل أن تتحول جدرانه إلى جدران كئيبة. “كانوا يملؤون البيت بالحياة، كانوا لا يحبون الابتعاد عني، كانوا يحلمون بحياة كريمة مثل باقي أطفال العالم، لكن أحلامهم دُفنت تحت الأنقاض”.

وتأتي هذه الحادثة في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، والتي أدت إلى استشهاد أكثر من 58 ألف فلسطيني، بحسب وزارة الصحة في القطاع، بينما يعيش أكثر من مليوني إنسان تحت الحصار، ويواجهون خطر الجوع وسوء التغذية، في واحدة من أشد الأزمات الإنسانية في تاريخ غزة.