أثارت قصة وفاة الطفلة مكة صلاح الغرابلي، التي توفيت في عامها الأول بسبب سوء التغذية ونقص الحليب العلاجي في غزة، موجة عارمة من الغضب والاستنكار عبر منصات التواصل الاجتماعي.

وتمثل هذه المأساة واحدة من عشرات الحالات المماثلة، التي دفعت النشطاء والمتابعين لإطلاق تساؤلات حادة حول الأبعاد الإنسانية والأخلاقية لمنع وصول الحليب العلاجي للأطفال الرضع.

ووثقت منظمات إنسانية وفاة عشرات الأطفال حديثي الولادة خلال الأسابيع الأخيرة، نتيجة غياب الحليب العلاجي والمكملات الغذائية، محذرة من أن مئات الأطفال الآخرين يواجهون المصير نفسه خلال أيام.

تحولت الطفلة مكة إلى رمز لمعاناة أطفال غزة، بعد أن عانت من سوء التغذية الحاد الذي أنهك جسدها الغض وحولها إلى جلد وعظم، رغم محاولات والديها والأطباء اليائسة لتأمين احتياجاتها من الحليب العلاجي.

ويأتي هذا، في ظل إغلاق سلطات الاحتلال للمعابر ووصول سعر علبة الحليب العلاجي الواحدة إلى 50 دولارا أميركيا، أي 10 أضعاف السعر العادي، كما أن والدة مكة لا تستطيع إرضاعها حليبا طبيعيا لأنها تعاني أيضا من سوء التغذية حالها كحال سكان غزة المحاصرين.

وفي ظل هذه الظروف القاسية، لجأ الأهالي إلى بدائل غذائية بدائية وخطيرة لإطعام أطفالهم الرضع، منها غلي الأعشاب أو الشاي لتقديمها للرضع، أو طحن الخبز والسمسم وحتى الحمص.

كما وثقت وكالات إغاثة إنسانية حالات يقوم فيها الأهالي بغلي أوراق الشجر، وتناول علف الحيوانات، أو حتى طحن الرمل وتحويله إلى ما يشبه الدقيق.

اتجاهات

وانقسم النشطاء في مقارباتهم بين 3 اتجاهات متكاملة: المنظور السياسي-العسكري الذي يؤطر القضية ضمن سياق الصراع الأوسع، والمنظور الاستنكاري الذي يركز على عبثية منع المواد الغذائية، والمنظور الإنساني الذي يركز على المعاناة الشخصية لكل طفل، وهو ما أبرزته حلقة (2025/8/4) من برنامج “شبكات”.

وبحسب المغرد سالم أبو فليحة فإن المأساة تأتي ضمن سياق أوسع من الممارسات العسكرية، وكتب يقول: “مكة البريئة، حالها مثل حال كل أطفال غزة المجوعين، الجيش الأكثر ديمقراطية في العالم كما يدّعي يحارب حتى الصغار”.

ويتوافق معه في الرأي الناشط محمود، الذي يرفع القضية إلى المستوى القانوني الدولي، بقوله “إرهاب دولي ضد الطفولة والإنسانية، بسبب منع إسرائيل حليب الأطفال، 40 ألف رضيع في غزة مهددون بالموت”.

وعلى صعيد آخر، يطرح المغرد أدهم سلسلة تساؤلات إنسانية: “ما هو تأثير حليب الأطفال على الاحتلال؟ لماذا يمنع حليب عن أطفال خُدّج ورضع؟ بماذا ممكن أن يضروا جنوده؟ هل هو سلاح؟ هل هو قنابل؟ لماذا يُمنع حليب الأطفال؟”

ومن جهتها، تنقل صاحبة الحساب زينة القضية إلى مستوى أكثر حميمية وشخصية، مخاطبة الوجدان الإنساني المشترك، وكتبت تقول “تخيلوا أن في طفل يقعد من النوم ما يلاقي أكل، ما يلاقي غداء، ما يلاقي حليب ولا حتى شيء حلو ياكله أو يسد شبعه فيه، كل يوم ينام طفل جوعان بغزة، أطفال غزة أطفالنا إحنا بعد، ومحد يرضى يشوف طفله جوعان”.

وأكد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أن القطاع يواجه كارثة إنسانية غير مسبوقة تهدد حياة عشرات الآلاف من الأطفال الرضع، نتيجة استمرار منع دخول حليب الأطفال لمدة تجاوزت 150 يوما متتالية، مشيرا إلى أن أكثر من 40 ألف طفل دون سن العام الواحد يواجهون خطر الموت البطيء.

كما طالبت منظمات دولية بتخصيص يوم كامل وآمن لإدخال المساعدات الطبية والغذائية الخاصة بالأطفال والرضع، دون تأخير أو عرقلة، عبر المعابر الرسمية وبإشراف دولي نزيه وفاعل.

|

شاركها.