|

أظهرت صور جوية حديثة دمارا واسعا عمّ مناطق متفرقة من قطاع غزة، بعد أشهر من القصف المكثف. وتُظهر المشاهد التي التُقطت من طائرات تحلق على ارتفاعات متوسطة حجم الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية، واختفاء الأحياء السكنية، وتحولها إلى أنقاض ممتدة من دون فواصل واضحة بين الأبنية والطرقات.

وتوثّق الصور تحول مناطق سكنية كبيرة إلى أراض مدمرة بالكامل، خاصة في شمال القطاع ووسطه، حيث لم تعد المباني قائمة، وتراكمت الكتل الخرسانية والركام فوق الشوارع الرئيسية والفرعية، بينما بدت بعض المناطق كأنها أُزيلت من الخريطة بشكل كامل.

غزة بدت من السماء مدينة مدمرة بالكامل حيث لا أثر للأحياء السكنية ولا للبنية التحتية (الجزيرة)

وأظهرت لقطات جوية مقابر جديدة حفرت وسط الأحياء وبين الخيام، بعضها داخل مناطق الدمار، وأخرى على أطراف الطرق، في مؤشر على ارتفاع عدد الضحايا وصعوبة الوصول إلى مقابر رسمية. وبدت بعض القبور محفورة يدويّا، في حين انتشرت شواهد بسيطة على أطرافها، وسط بيئة يغلب عليها الغبار والركام.

وتُظهر الصور أيضا الدمار في مناطق كانت مأهولة بالسكان، وسط غياب شبه تام للخدمات الأساسية. وبدا واضحا أن كثيرا من الخيام أُقيمت على أنقاض منازل، أو في مساحات مدمرة بالكامل، من دون بنى تحتية، أو مصادر للمياه والكهرباء.

مبان مدمرة في قطاع غزة تظهر من على الجانب الإسرائيلي للحدود الجنوبية وتختصر حجم الدمار (الفرنسية)

وتقدّر جهات هندسية حجم الركام الناتج عن القصف بأكثر من 45 مليون طن، وهو ما يتطلب سنوات من العمل لإزالته إن توفرت المعدات والمواد اللازمة، في ظل الحصار المستمر وصعوبة دخول الآليات الثقيلة إلى داخل القطاع.

طرود المساعدات الإنسانية تسقط جوّا فوق مناطق مدمرة بالكامل في قطاع غزة كما تبدو من الجانب الإسرائيلي (رويترز)

ويُشير تحليل الصور إلى تضرر ما يزيد على 70% من المباني في القطاع، سواء بشكل جزئي أو كلي، بينما وثّقت لقطات جوية أخرى مناطق لم تعد تظهر فيها ملامح الحياة، مع غياب تام للحركة، باستثناء بعض الأفراد الذين ظهروا وهم يبحثون بين الأنقاض أو يتجمعون حول مساعدات ألقتها الطائرات.

المساعدات الجوية لا تلبي حاجات الغزيين بل تسببت في مصرع بعضهم (رويترز)

وتُظهر بعض المقاطع إلقاء مساعدات غذائية من الجو، تسقط فوق مناطق مكشوفة قرب الساحل، حيث حاول سكان الوصول إليها رغم محدوديتها وصعوبة تأمينها. وتفيد تقديرات بأن كميات المساعدات التي دخلت إلى غزة عبر الإنزال الجوي لا تغطي سوى احتياجات أيام معدودة، في ظل أزمة إنسانية غير مسبوقة.

الصور الجوية أصبحت وسيلة لرؤية حجم الكارثة في قطاع غزة (رويترز)

وتأتي هذه الصور في وقت ما تزال فيه فرق الإنقاذ عاجزة عن الوصول إلى مئات المواقع التي يُعتقد أن تحت أنقاضها ضحايا لم ينتشلوا. وتشير بيانات محلية إلى أن عدد القتلى تجاوز 60 ألفا، بينهم آلاف الأطفال والنساء، في حين بقيت آلاف العائلات بلا مأوى.

صورة لغزة تُرصد من الجانب الإسرائيلي على الحدود الجنوبية مع القطاع في مشهد يعكس حجم الدمار الواقع (الفرنسية)

ويمنع استمرار العمليات العسكرية والقيود المفروضة على الحركة في القطاع وصول وسائل الإعلام والمراقبين الدوليين إلى مواقع الاستهداف، مما يجعل الصور الجوية إحدى الوسائل النادرة لرصد حجم الكارثة على الأرض.

وتحذر منظمات دولية من أن استمرار تعذّر الوصول إلى المناطق المنكوبة، وتأخر رفع الأنقاض، يهدد بحدوث أزمات صحية وبيئية، في وقت يفتقر فيه القطاع إلى مقومات الإغاثة السريعة، ويعيش معظم سكانه تحت خط الفقر وانعدام الأمن الغذائي.

شاركها.
Exit mobile version