تعود إجراءات التقشف، التي أثارت غضباً شعبياً، وأدت إلى انهيار حكومات في جميع أنحاء أوروبا، قبل أكثر من 10 سنوات، إلى الواجهة في رومانيا، حيث يسعى المسؤولون إلى كبح جماح عجز قياسي.

وصرح وزير المالية، ألكسندرو نازاري، لصحيفة «فاينانشال تايمز»، بأن «الحزمة الأولى من زيادات الضرائب وتجميد الإنفاق دخلت حيز التنفيذ، في الأول من أغسطس الجاري، مع خطط لحزمتين إضافيتين في وقت لاحق من العام الجاري، على الرغم من الاحتجاجات التي أججتها جزئياً المعارضة اليمينية المتطرفة».

وقال نازاري: «بالطبع ليس الأمر سهلاً»، لافتاً إلى أن الحكومة الائتلافية ملتزمة بإقرار جميع الإجراءات اللازمة، وأضاف: «نحن جميعاً على دراية كاملة بالوضع الحالي للميزانية».

وبنسبة 9.3% من الناتج المحلي الإجمالي، كان عجز الموازنة العامة في رومانيا الأعلى في الاتحاد الأوروبي في عام 2024، وهو أعلى بكثير من عتبة 3% المنصوص عليها في القواعد المالية للاتحاد، فيما كانت الحكومة السابقة مترددة في اعتماد أي إجراءات تقشفية في الفترة التي سبقت انتخابات العام الماضي.

ولاتزال إجراءات التقشف غير شعبية إلى حد كبير، بعد أن أقرّت البلاد واحدة من أقسى مجموعات تخفيضات الإنفاق وزيادات الضرائب في أوروبا في أعقاب أزمة الديون السيادية.

وفي عام 2012، انهارت الحكومة في بوخارست، وسط احتجاجات مناهضة للتقشف، ما أعاد صدى أحداث مماثلة في اليونان والبرتغال وأيرلندا، وهذه المرة، تسعى الحكومة الرومانية إلى تأجيل الإجراءات.

ومع ذلك، خرج مئات المتظاهرين إلى شوارع بوخارست ومدن أخرى هذا الصيف، حيث دعا زعيم حزب «التحالف من أجل وحدة الرومانيين» اليميني المتطرف، جورج سيميون، إلى إجراء انتخابات مبكرة وتعهد «برفض دفع الضرائب» التي فرضتها ما وصفها بأنها «حكومة غير شرعية».

وتتضمن حزمة أغسطس زيادة في أعلى شريحة ضريبة القيمة المضافة من 19 إلى 21%، إضافة إلى زيادة رسوم الإنتاج، وهذا يعني أن الزيادات في أجور ومعاشات القطاع العام معلقة حتى عام 2026، لكن التدابير الأكثر صعوبة، بما في ذلك إصلاح حوكمة الشركات المملوكة للدولة، وخفض المعاشات التقاعدية السخية والامتيازات الأخرى لمسؤولي الحكومة السابقين، لم يتم الاتفاق عليها بعد.

وقال نازاري إن «إصلاح نظام التقاعد المخطط له يهدف إلى (إلغاء الامتيازات الخاصة)، مثل التقاعد المبكر للقضاة الذين يمكنهم حالياً البدء في تلقي معاشاتهم التقاعدية في منتصف الأربعينات من العمر»، وأضاف: «هذه الإجراءات ضرورية لضمان الاستدامة المالية والعدالة».

ولاتزال أساسيات الاقتصاد الروماني صعبة، فقد خفضت وكالات التصنيف الائتماني الرئيسة الثلاث، تصنيفها إلى درجة واحدة فقط فوق الدرجة غير الاستثمارية أو «الوضع غير المرغوب فيه»، بسبب تضخم ديون البلاد بسرعة وارتفاع التضخم، ونما الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.3% فقط في الربع الثاني، مع تحذير البنك المركزي من أن النمو من المرجح أن يتباطأ أكثر، حيث يُجبره التضخم على إبقاء سعر الفائدة الرئيس عند 6.5%.

وتفاقم الوضع الاقتصادي بسبب أزمة سياسية استمرت لأشهر، بعد أن ألغت المحكمة الدستورية في ديسمبر، انتخابات رئاسية بسبب تدخل خارجي مزعوم.

وتولت الحكومة الجديدة مهامها، في يونيو، عقب فوز الرئيس المؤيد للاتحاد الأوروبي، نيكوسور دان، في إعادة الانتخابات، ولكن الائتلاف الرباعي لايزال هشاً، مع تصاعد التوترات بين الشركاء.

واستقال نائب رئيس الوزراء، في وقت سابق من الأسبوع الماضي، بسبب مزاعم احتيال، بينما تمرد حزب «أنقذوا رومانيا» المناهض للمؤسسات، الذي أسسه دان، على قرار إقامة جنازة رسمية لأول رئيس للبلاد بعد الحقبة الشيوعية.

وتلقت رومانيا 28.5 مليار يورو من الاتحاد الأوروبي، واستخدمت أقل من 10 مليارات يورو من الأموال حتى الآن.

وقال نازاري إن «شركاء الائتلاف يُدركون تماماً ما هو على المحك»، مشيراً إلى «أن الحفاظ على أموال الاتحاد الأوروبي المتاحة والاستفادة من أي أموال أوروبية أخرى ليس مسألة يسار أو يمين، إنه خيار استراتيجي يعزز تنمية بلدنا».

وتهدف بوخارست إلى تسريع رقمنة الخدمات العامة، وتحسين تحصيل الضرائب والإدارة المحلية، واستهداف الجهات التنظيمية لقطاعات مثل الطاقة أو الاتصالات لخفض التكاليف وزيادة الشفافية، لكن نازاري أقر بأن هذه الإصلاحات الصعبة وغيرها، لن يتم تنفيذها بالكامل على الأرجح، إلا بحلول نهاية ولاية الحكومة الحالية بعد ثلاث سنوات من الآن. عن «فاينانشال تايمز»

. رومانيا تلقت 28.5 مليار يورو من الاتحاد الأوروبي، واستخدمت أقل من 10 مليارات من الأموال حتى الآن.

. بنسبة 9.3% من الناتج المحلي.. عجز الموازنة في رومانيا الأعلى في الاتحاد الأوروبي خلال 2024.

شاركها.