|

غزة- تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي فرض سيطرتها بالنار على مدينة بيت لاهيا أقصى شمال غرب قطاع غزة، وتمنع جميع سكانها من الوصول إلى منازلهم أو أراضيهم الزراعية التي كانت تُشكل السلة الغذائية للقطاع.

وتعرَّضت بيت لاهيا للاجتياح البري منذ بداية الحرب على غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، وحُوِّلت مساحات واسعة من أراضيها لمنطقة عازلة حالت دون استصلاح الأراضي الزراعية الحدودية.

وقال رئيس بلدية بيت لاهيا، المهندس علاء العطَّار، إن المدينة تعيش واحدة من أصعب مراحلها في التاريخ، بعد أن أجبر الاحتلال أكثر من 110 آلاف نسمة -أي ما يزيد على 90% من سكانها- على النزوح، تاركين وراءهم نحو 25 ألف دونم (الدونم=1000 متر مربع) من أراضيهم ومنازلهم المدمرة.

تدمير ونزوح

وأوضح العطار، في حديث خاص للجزيرة نت، أن الغالبية العظمى من أهالي بيت لاهيا نزحوا باتجاه المناطق الغربية من غزة، في حين توجّه الباقون نحو الجنوب، ليتوزعوا على أكثر من 74 مخيم نزوح تعاني جميعها من غياب أبسط مقومات الحياة.

وأضاف أن الظروف المعيشية بتلك المخيمات بالغة القسوة، إذ يفتقر النازحون للمياه والطعام والمأوى المناسب، في ظل انتشار سوء التغذية والأمراض الجلدية، نتيجة العيش بالقرب من برك الصرف الصحي العشوائية وتكاثر الحشرات الضارة والبعوض.

وأشار العطار إلى أن الاحتلال الإسرائيلي تعمَّد خلال اجتياحه الأخير، والمستمر حتى الآن، تدمير كل آبار المياه ومحطات التحلية في المدينة، والبالغ عددها 29 بئرا رئيسية و8 محطات، بعد أن كانت البلدية قد أصلحت معظمها خلال وقف إطلاق النار في يناير/كانون الثاني الماضي، وضخَّت المياه لعدد من الأحياء.

الاحتلال استهدف البنية التحتية الصحية والغذائية وآبار المياه في بيت لاهيا (الفرنسية)

ولم يقتصر الأمر على المياه، بل طال التدمير منظومة الصرف الصحي بالكامل، حيث دمرت جميع المضخات الرئيسية وعددها 7، مما أدى إلى توقف الخدمة بشكل كامل.

كما لفت إلى أن الاحتلال دمّر 32 آلية كانت مخصصة لخدمات المياه والنفايات الصلبة والصرف الصحي، إضافة إلى تدمير مليون متر مربع من الطرق المعبدة، والمباني السكنية بنسبة 100% داخل المدينة.

ومع استمرار العدوان، يواصل الاحتلال استهداف ما تبقى من شبكات المياه والصرف الصحي، مما يجعل إعلان بيت لاهيا مدينة منكوبة وغير صالحة للسكن أمرا حتميا، حسب قوله.

مزارع فلسطيني يعمل في أرضه على مقربة من السياج الحدودي في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (الجزيرة نت)
مزارع فلسطيني يعمل بأرضه في بيت لاهيا شمال قطاع غزة قبل تدمير الاحتلال لها (الجزيرة)

إعدام مقومات العيش

وتحدث العطَّار عن فقدان بيت لاهيا لدورها كمصدر غذائي أساسي لقطاع غزة، موضحا أن المدينة كانت تضم 20 ألف دونم من الأراضي الزراعية الخصبة المنتشرة شمالا وغربا، وكانت تنتج أصنافا متنوعة من الخضراوات والفواكه والحمضيات وغيرها، ما كان يغطي احتياجات القطاع بالكامل ويغني عن الاستيراد من الخارج.

وشلَّ العدوان -يقول العطار- قدرة البلدية على تقديم الخدمات بشكل تام، بعد تدمير كل مقدراتها وممتلكاتها، مؤكدا أن البلدية تواجه تحديات هائلة تكمن بنقص المعدات والآليات الثقيلة لإزالة الركام، وانعدام مواد البناء وقطع الغيار، وغياب أجهزة تكنولوجيا المعلومات، وأزمة تمويل خانقة تعيق توفير الخدمات الأساسية.

وبيّن أن احتياجات البلدية العاجلة تشمل توفير آليات ومعدات ثقيلة لإزالة الأنقاض، ومواد بناء لإعادة الإعمار، وقطع غيار للآليات، وأجهزة حاسوب وشبكات رقمية، إضافة إلى دعم مالي وفني عاجل.

نزحت عائلات بأكملها من مدينة بيت لاهيا شمال قطاع غزة
عائلات بأكملها نزحت من مدينة بيت لاهيا شمال قطاع غزة نحو الجنوب ومناطق أخرى (الأناضول)

خطة للنهوض

وختم العطار حديثه مشيرا إلى أن البلدية وضعت خطة لمرحلة التعافي فور وقف إطلاق النار، تشمل مشاريع إغاثية عاجلة مثل فتح وتوسعة الشوارع الرئيسية، وصيانة آبار وشبكات المياه والصرف الصحي، وشراء مولدات كهربائية، وإنشاء مخيمات لإيواء النازحين، وذلك بالتعاون مع المؤسسات المحلية والدولية.

وتتعمد إسرائيل منذ بدء حرب الإبادة الجماعية التي تشنها على غزة استهداف القائمين على مقدمي الخدمات لسكان غزة، واغتالت 5 رؤساء بلديات محلية، في إطار إصرارها على منع أي محاولة لاستعادة الخدمات الأساسية في محافظات القطاع التي يقطنها أكثر من مليوني فلسطيني.

شاركها.