صنعاءـ سادت حالة من الرعب في الأوساط الإسرائيلية بعد إعلان جماعة أنصار الله (الحوثيين) في اليمن عن امتلاك صاروخ انشطاري متعدد الرؤوس، قد يستخدم لضرب أهداف في قلب تل أبيب.

وقد أثار استهداف الحوثيين وسط إسرائيل يوم الجمعة الماضي بصاروخ عنقودي انشطاري يطلق عدة رؤوس صاروخية، الكثير من التساؤلات وعلامات الاستفهام حول قدراته وتأثيراته المحتملة على المدن الإسرائيلية المستهدفة.

وأشارت إذاعة الجيش الإسرائيلي -أمس الأحد- إلى تحقيق عسكري أكد أن الصاروخ الذي أطلق من اليمن حمل رأسا متفجرا قابلا للانشطار، في حين أعلن جيش الاحتلال في وقت سابق عن محاولات عديدة لاعتراض الصاروخ الذي انكسر في الهواء قبل وصوله إلى أهدافه.

مكونات عنقودية

وفي السياق نفسه، نقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” عن سلاح الجو الإسرائيلي أنه بدأ تحقيقا لمعرفة سبب فشل اعتراض صاروخ يمني يحتوي على مكونات عنقودية، بعد انفجار جزء منه في فناء أحد المنازل وسط إسرائيل.

بدورها، أشارت مواقع استخباراتية إسرائيلية مثل “إنتل تايمز” إلى أن الصاروخ الذي أطلق من اليمن كان مزودا برأس حربي متعدد المراحل وقابل للانشطار. ويعتقد مراقبون أن الهجمات الإسرائيلية التي استهدفت القصر الرئاسي ومحطة شركة النفط ومحطة كهرباء حزيز في صنعاء أمس الأحد كانت ردا مباشرا على الهجوم الحوثي.

ونقل موقع “والا” الإسرائيلي عن مصادر سياسية أن صعوبة استهداف الحوثيين ترجع إلى نقص المعلومات الاستخباراتية، إضافة إلى أن معظم مراكزهم تحت الأرض.

صواريخ فلق وطوفان

من جهته، أكد خبير عسكري يمني في صفوف الحوثيين أن الجماعة سبق وأعلنت عن امتلاك صواريخ متقدمة، منها صواريخ ذات رؤوس متعددة وصواريخ فرط صوتية، مشيرا إلى أن صواريخ مثل “فلق” و”طوفان” لم تستخدم بعد، على الرغم من عرضها سابقا خلال مناسبات عسكرية.

وقال العميد مجيب شمسان للجزيرة نت “صنعاء لا تزال تملك الكثير من المفاجآت، وصاروخ فلق يعد الحصان الرابح للقوات المسلحة اليمنية، ويحمل رؤوسا متعددة بقدرات هائلة ومتطورة جدا”.

وأضاف أن صاروخ “طوفان”، وهو صاروخ قصف إستراتيجي، جرى عرضه خلال استعراض عسكري في سبتمبر/أيلول 2023، ويشكل جزءا من الترسانة الصاروخية المتقدمة للحوثيين.

وأشار شمسان إلى أن الحوثيين يطورون صواريخ فرط صوتية من نوع “فلسطين 2” بسرعة تصل إلى 16 ماخا، مع التركيز على تجاوز المنظومات الدفاعية الإسرائيلية وتحسين التأثير التدميري للرؤوس المتفجرة.

وأوضح أن الصواريخ المطورة تحتوي على رؤوس انشطارية وقذائف هجومية، مما يجعل عملية اعتراضها معقدة للغاية، ويحول كل صاروخ إلى منصة صواريخ متعددة، مما يفقد إسرائيل القدرة على مواجهة هذه التهديدات بشكل فعال.

وبخصوص الادعاءات الإسرائيلية حول اعتراض الصاروخ، قال شمسان “في الواقع، لا يمكن اعتراض صاروخ فرط صوتي بسبب سرعته العالية وقدرته على تغيير مساره في المراحل النهائية، وما ذكرته إسرائيل يندرج في إطار الرسائل الداخلية لطمأنة الجمهور والكيانات الاقتصادية بأن الأوضاع تحت السيطرة”.

وبين أن منظومات مثل “ثاد” الأميركية ومنظومة السهم “حيتس 3” ذات الرصد الراداري لم تمنع وصول الصواريخ إلى أهدافها داخل الأراضي المحتلة.

من مطار بن غوريون بعد الصاروخ اليمني
صاروخ حوثي سقط في وقت سابق على مطار بن غوريون (الجزيرة)

الضربات الأخيرة وتداعياتها

وأشار شمسان إلى أن الهجمات اليمنية الأخيرة، بما فيها ضربات يومي 14 و17 أغسطس/آب الجاري، أدت إلى توقف حركة القطارات في إسرائيل وأتلفت أكثر من 300 متر من شبكة الكهرباء، مما يعكس نجاح الضربات في تحقيق أهدافها الميدانية واللوجستية، ويكذب مزاعم الاعتراض الإسرائيلي.

من جانبه، رأى الدكتور علي الذهب، خبير الشؤون الأمنية والإستراتيجية، أن الهجمات المتبادلة بين الحوثيين وإسرائيل ستستمر، لكنه شدد على أن تل أبيب لن تتعرض حتى الآن لضربة عنيفة تغير ميزان القوى بشكل مباشر.

وأضاف الذهب في حديث للجزيرة نت أن الأهداف التي استهدفتها الضربات الإسرائيلية في صنعاء لم تحدث فارقا كبيرا عند الحوثيين، وأن المواجهة تتخذ غالبا طابعا إعلاميا ودعائيا أكثر من كونها تأثيرا عسكريا مباشرا.

وبشأن التطور الصاروخي للحوثيين، قال الذهب إن صواريخ فرط صوتية انشطارية يعتقد أنها من مصادر إيرانية، وأن هناك مصالح دولية قد تسهل حصول الحوثيين على تقنيات عسكرية جديدة.

وأوضح أن الحوثيين يركزون على المنشآت العسكرية داخل إسرائيل، بما في ذلك مطار اللد (بن غوريون)، وأن هذه الهجمات تستهدف البنى التحتية العسكرية أكثر من الأهداف البشرية.

وأكد الذهب أن الحوثيين، كونهم فاعلا غير دولة، لا يخضعون للقيود التي تفرض على الدول في المواجهات الإقليمية، مما يمنحهم حرية استخدام كافة الأسلحة التقليدية المتوفرة لديهم، مع الالتزام بضوابط وتحقيق أهدافهم الإستراتيجية دون اللجوء لأسلحة الدمار الشامل.

شاركها.