|

يواجه جيش الاحتلال تحديا يتمثل في نقص عدد الجنود، مما دفعه إلى اللجوء لتجنيد النساء واليهود من خارج البلاد لسد هذا النقص.

ويطرح هذا الوضع، وفقا للخبير العسكري والإستراتيجي العميد إلياس حنا، تساؤلات جوهرية عن قدرة الجيش على شن عمليات عسكرية واسعة في قطاع غزة في ظل هذه التحديات اللوجستية الحادة.

وكشفت مصادر عسكرية لموقع “والا” عن لجوء الجيش الإسرائيلي إلى تجنيد 5000 امرأة لمهام قتالية خلال العام الماضي، وذلك في ظل المعاناة الحادة التي تواجهها وحدات الاحتياط وارتفاع أعداد المتهربين من الخدمة العسكرية بين فئة الحريديم.

كما أظهرت التقديرات الرسمية في الجيش الإسرائيلي وجود نقص خطير في القوات يتجاوز 12 ألف جندي، مما يضع ضغطا متزايدا على القدرات العملياتية للجيش.

ويدفع الوضع الحالي الجيش الإسرائيلي للبحث عن وسائل مختلفة ومبتكرة لزيادة عدد جنوده، من بينها تجنيد أشخاص من يهود الخارج بمعدل 700 شخص سنويا.

وبحسب مسؤولين عسكريين رفيعي المستوى، فإن الجيش يدرس حاليا إستراتيجية شاملة لاستهداف الجاليات اليهودية في الولايات المتحدة وفرنسا بهدف تجنيد مزيد من الشبان القادرين على الخدمة العسكرية.

وفي ظل هذا النقص في القوى البشرية، يوضح حنا أن التحديات العسكرية التي تواجه جيش الاحتلال في مدينة غزة تختلف عن تلك الموجودة في مناطق أخرى مثل بيت لاهيا، مما يتطلب مقاربات وإستراتيجيات مختلفة ومعقدة.

وشهدت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة تطبيق إستراتيجيات متعددة حسب الواقع الميداني، بدءاً من الهجوم من الشمال والوسط ومحور نتساريم، ثم التوجه إلى محاور أخرى مثل خان يونس وموراغ ورفح.

ويعكس هذا التنوع في الإستراتيجيات -وفقا للخبير العسكري- التغيرات التي طرأت على الواقع الميداني في قطاع غزة، حيث لم تعد الأوضاع كما كانت عليه قبل بدء العمليات العسكرية، مما يستدعي تكييف الخطط العسكرية باستمرار وسط محدودية الموارد البشرية المتاحة.

ورغم التحديات المتزايدة، يوضح الخبير العسكري أن العمليات الحالية تتركز في مناطق جباليا والشجاعية وحي التفاح، في حين يوجد لواءان في منطقة حي الزيتون حيث يتركز الجهد الأساسي للقوات الإسرائيلية.

العملية الكبرى

وتشير المعطيات العسكرية إلى أن العملية الكبرى في حي الزيتون لم تبدأ بعد، حيث يعمد جيش الاحتلال إلى تحضير الأرضية أولاً قبل الاستعانة بالطيران في مرحلة لاحقة لضمان تنفيذ عملية سريعة.

ويعكس هذا النهج الدروس المستفادة من العمليات السابقة والتحديات التي واجهها الاحتلال في المناطق الحضرية، خاصة في ظل القيود على الموارد البشرية.

وفي السياق ذاته، يربط حنا بين القرارات العسكرية والأهداف السياسية، موضحا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية– يرفض فعليا التفاوض لتخليص الأسرى، ويتمسك بخمسة أهداف أساسية تشمل: تدمير حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، ونزع السلاح، ومنع حكم حماس، وتحرير الأسرى، وإبقاء المسؤولية الأمنية لقطاع غزة تحت سيطرة جيش الاحتلال.

وفي المقابل، تستفيد المقاومة الفلسطينية من هذه التحديات، حيث طورت منظومة سلاح متكاملة تحقق استثمارا قليلاً مع مردود كبير من خلال إعادة تدوير القذائف غير المنفجرة لجيش الاحتلال واستخدامها في عمليات نوعية ضد الأهداف المعادية.

ويشير حنا إلى العملية العسكرية الأخيرة لكتائب القسام الجناح العسكري لحماس، موضحا أن استهداف الجرافة العسكرية يكشف عن فهم عميق لطبيعة التحركات العسكرية الإسرائيلية، حيث يسبق وجود آليات الهندسة انتشار قوات الحماية من الدبابات والمركبات المدرعة، مما يشير إلى تحضير الاحتلال لعمليات تدمير واسعة.

ومن وجهة نظر عسكرية، فإن هذه التكتيكات -بحسب حنا- تعكس مستوى عاليا من التخطيط والتدريب، حيث تتضمن العمليات مراحل متعددة من الرصد والتحضير والتنفيذ، مع استغلال أمثل للموارد المتاحة في البيئة المحلية والاستفادة من مخلفات العدو العسكرية.

شاركها.