|

في العقد الأخير، خطت تركيا خطوات متسارعة في تطوير ترسانتها من الأسلحة بما يخدم قطاعاتها العسكرية المختلفة، برا وبحرا وجوا، سواء كان ذلك بالتصنيع المحلي، أو بشراء الأسلحة التي تحتاجها أنقرة من دول أخرى.

وكان واضحا اهتمام تركيا المتزايد بتطوير ترسانتها من الطائرات المقاتلة، فبعد أن كانت جزءا من برنامج التصنيع المشترك لطائرات إف-35، إلا أن قرار وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) خلال ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأولى عام 2021 بإزاحتها من البرنامج، بسبب شراء أنقرة منظومة الدفاع الجوي الروسية أس-400، فإن ذلك أعاد تركيا إلى خطوة البحث عن تحديث وتطوير مقاتلاتها الجوية، ولذلك بقيت تركيا تبحث عن القطعة المفقودة.

ويبدو أن تركيا وجدت ضالّتها من الطائرات المقاتلة، حيث أعلنت “مجلة دير شبيغل” الألمانية توصل أنقرة لاتفاق مع برلين من أجل تسليمها 40 طائرة “يوروفايتر تايفون”، وهي طائرات مُقاتلة تُصنع بشراكة ألمانية بريطانية إضافة إلى إيطاليا وإسبانيا. كما وقّعت تركيا مذكرة تفاهم مع بريطانيا تتيح لها استخدام هذه المقاتلات.

إذ ورغم امتلاكها أجيالا من الطائرات المسيرة الحديثة، والتي أثبتت نجاحها في حروب ومواضع جغرافية عدّة، فإنها ما زالت تبحث عن امتلاك طائرات حربية مقاتلة متقدمة، وهو ما يبدو أنها ستبدأ بامتلاكه بمجرد دخول طائرات “يوروفايتر” للخدمة الفعلية.

تركيا والإقليم المشتعل

يتزامن توقيت هذا الاتفاق مع كشف تركيا عن صاروخ فرط صوتي، حمل اسم “طيفون بلوك 4” خلال معرض الصناعات الدفاعية “آيدف 2025” المنعقد في إسطنبول.

ويرى محللون، أن الخطوات التركية المتسارعة في تطوير منظومة القوة لديها بات أكثر إلحاحا بعد الحرب الإيرانية الإسرائيلية الأخيرة.

حيث أدركت أنقرة ضرورة بناء قدرات جوية هجومية ودفاعية متطورة.

وفي هذا السياق تأتي صفقة الطائرات الأوروبية بوصفها واحدة من أدوات القوة التنافسية وأحد عناصر الردع لخلق حالة من التوازن الجوي مع إسرائيل التي طالما اعتبرت تفوقها الجوي في المنطقة مرتكزا جوهريا في عقيدتها القتالية.

وفعلا، فإن أصداء الصفقة سرعان ما سُمع صوتها في تل أبيب، والتي أحست فورا بجدية تلك الخطوات وأثارت غضبها وحفيظتها كما ورد على لسان بعض المسؤولين فيها.

برز ذلك في منشور زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، الذي قال عبر منصة “إكس” إنه: “لو كان لدى إسرائيل وزارة خارجية فاعلة، لكانت عرقلت منذ زمن الصفقة التي أبرمتها ألمانيا وبريطانيا لبيع طائرات يوروفايتر تايفون 4.5 لتركيا”.

وأكد لابيد أن تركيا تسعى إلى خلق التوازن الجوي مع إسرائيل في الوقت الذي تمتلك فيه (أنقرة) أكبر وأقوى سلاح بحرية في الشرق الأوسط، على حد وصفه.

“يوروفايتر” في مواجهة “F-35”

من حيث مواصفاتها التقنية، فإن تصميم طائرة يوروفايتر العسكري يركز على إعطائها قدرة عالية على المناورة، وذلك بفضل محركات “يوروجت إي جي 200” ما يعطيها ميزة تفوق في القتال الجوي التقليدي، وذلك بحسب مجلة “ذا دبلومات” (The Diplomat) وموقع “بلوت فلايت” (BlotFlight).

تتميز الطائرة الشبح إف-35 الأميركية بالتخفي، وهو ما لا يوجد في المقاتلة الأوروبية يوروفايتر (رويترز)

أما على صعيد السرعة فتصل إلى 2.0 ماخ (ضعف سرعة الصوت)، بينما تمتلك رادارا متطورا لرصد الأهداف المعادية، كما أن الطائرة مزودة بإمكانية حمل صواريخ بعيدة المدى، مما يزيد من الخطر الذي يمكن أن تشكله.

وبعقد مقارنة سريعة بين طائرة يوروفايتر الأوروبية وطائرة إف 35 الأميركية، فإن الطائرة الأوروبية تتفوق من حيث السرعة، إذ تصل سرعة يوروفايتر إلى 2 ماخ، مقارنة بـ 1.6 ماخ للطائرة الأميركية.

كما تتميز يوروفايتر بتكلفة منخفضة، إذ يتراوح سعرها بين 90-120 مليون دولار، في حين يتفاوت سعر نظيرتها بحسب الطراز، حيث يصل سعرها الأعلى في طراز “F35B” إلى 110 ملايين دولار، بينما الأقل في طراز “F35A” فإنه يصل إلى 80 مليونا. بحسب موقع “بي إيه إي سيستمز” (BAE Systems) وفلايت غلوبال (FlightGlobal).

على صعيد التكلفة التشغيلية فإن ساعة الطيران الواحدة لطائرة “يوروفايتر” تُقدّر بـ 22 ألف دولار، بينما ترتفع هذه التكلفة في نظيرتها إف-35 لتصل إلى 36 ألف دولار.

على الجانب الآخر، فإن إحدى ميزات طائرة إف-35 الأميركية الرئيسية هي قدرتها على التخفي، وهو أمر لا يتوافر في الطائرة الأوروبية، مما يُعطي الطائرة الأميركية ميّزة أساسية ونقطة تفوق في ميدان القتال.

تجنب الحل الصيني

يقرأ المحللون ذهاب تركيا للحل الأوروبي عوضا عن الصيني بوصفه حلا وسطا للأتراك، وسعيا منهم لتجنب أزمة جديدة قد تنشب مع الولايات المتحدة إذا ما اتجهوا للتعاون العسكري المباشر مع بكين على غرار ما جرى في الصفقة الروسية سابقا.

ورغم امتلاك الصين طائرات قتالية متطورة، مثل طائرات “جيه-30” الشبح الصينية، فإن أنقرة على ما يبدو تسعى لاختيار حلول عملية تجنبها مزيدا من الأزمات، خاصة في ظل الرغبة الأميركية المتصاعدة في عهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الحد من الصعود الصيني.

شاركها.
Exit mobile version