|

عمّان- في مشهد محمّل بالرمزية والمشاعر البريئة، وقف عشرات الأطفال، مساء أمس الاثنين، في حي الطفايلة وسط العاصمة الأردنية عمّان، خلف سياج حديدي وهم يطرقون على أوانٍ معدنية فارغة، في فعالية تضامنية مع أطفال غزة الذين يتعرضون للتجويع بفعل الحصار الإسرائيلي المتواصل.

الفعالية أقيمت ليلا، وسط حضور واسع من الأهالي والأطفال، الذين اصطفوا في شوارع الحي للمشاركة، بينما علت أصوات الطرق على الأواني كأنها استغاثات من وراء الجدران، في محاكاة رمزية لأصوات الجوع القادمة من غزة المحاصرة.

ولم يكن الطرق على الأواني عبثيا، فالأطفال الذين تراوحت أعمارهم بين 4 و12 عاما انطلقوا مشيا على الأقدام بعد أن بدؤوا الفعالية بقراءة سورة الفاتحة مرددين “الرحمن الرحيم” قبل أن يصلوا خلف سياج معدني يحاكي عزل غزة، بينما تعالت أصواتهم بأدوات المطبخ في تمثيل صارخ للمعاناة التي يعيشها أقرانهم داخل القطاع المحاصر.

الأطفال في الأردن شاركوا بفعالية تضامنية مع غزة وطرقوا على الأواني نصرة للقطاع (الجزيرة)

لإيصال الرسالة

ومثَّلَ السياج الحصار المفروض، بينما عبَّرت الأواني الفارغة عن بطون خاوية لا تجد ما يسد جوعها، أما الصمت الذي لفّ الحاضرين، فكان أشد تعبيرا من أي هتاف قبل أن يقطعه الهتاف الذي يطالب بفتح المعابر لمرور المساعدات ويصرخ بالعالم لوقف المأساة فورا.

جاءت الفعالية بمبادرة شعبية من أهالي الحي ونشطاء محليين، في محاولة لإشراك الأطفال للتضامن مع غزة، وترسيخ الإحساس الجمعي بالقضية الفلسطينية في وجدانهم.

ويقول مصعب الحراسيس، أحد أولياء الأمور المشاركين، للجزيرة نت، “ما قمنا به لم يكن سوى محاولة بسيطة لنقول: إننا نحسّ بجوع أطفال غزة وكأنهم أبناؤنا، هذه الأواني الفارغة التي طرقها الأطفال تُشبه موائد الغزيين اليوم، خاوية، وصامتة، وتنتظر بصيص أمل”.

وأكد أن الفعالية رسالة منهم إلى كل أحرار العالم ليتحركوا ويرفعوا أصواتهم، ويرفضوا تلك المجازر والوحشية والحصار، مضيفا “حتى يستشعر أطفالنا ما يعانيه أطفال غزة من الجوع والحرمان والخوف والألم، ولنغرس في نفوسهم حب البذل والتضحية ونصرة المظلوم مهما كان الثمن، حتى إنهم باتوا يقتطعون من مصروفهم ويتبرعون به لأطفال غزة مؤثرين على أنفسهم حب المال وشراء الحاجيات”.

وتابع الحراسيس “أطفالنا شعروا أنهم قادرون على إيصال رسالة، حتى لو كانت رمزية، وهذا المشهد لن ينسوه، وسيبقى شاهدا على زمن يُترك فيه الأطفال للموت جوعا أمام مرأى العالم”.

أجراس ضمير

بدوره، قال معاذ الرعود والد الطفل اليمان، الذي شارك مع أختيه نايا ويارا بعدما استعاروا أدوات من مطبخ المنزل، “هذه الأواني التي قُرعت في الحي هي أجراس ضمير يجب أن توقظ العالم من صمته المخجل تجاه أطفال غزة، الذين يُحاصرون بالجوع بدلا من أن يُحتَضنوا بالرحمة”.

وأضاف للجزيرة نت “ما جرى من فعالية رمزية للأطفال بحي الطفايلة هو امتداد طبيعي لما اعتاده أبناء الحي من مبادرات تضامنية مع غزة”.

وأردف “إذا صمّ العالم آذانه عن صرخات الجوعى، فإن هذه الأصوات في عمّان تذكّرهم بما يجري هناك وواجبنا أن نربّي أبناءنا على أن أطفال غزة إخوتهم في الدين والدم، وأن يتألموا لألمهم، وسط صمت دولي مخزٍ يشاهد الجريمة ولا يتحرك”.

أطفال الاردن يطرقون الأواني رفضاً لتجويع غزة
أطفال أردنيون طرقوا فوق الأواني من خلف جدار حديدي رفضا لتجويع غزة وأطفالها (الجزيرة)

ورغم بساطة الأدوات، فإن صور ومقاطع الفعالية انتشرت بشكل ملحوظ عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مرفقة بعبارات دعم لغزة ودعوات لإنقاذ أطفالها من الموت البطيء.

وتواصل المجاعة حصد الأرواح في غزة، وبات الجوع ينهش الأجساد جنبا إلى جنب مع نيران الاحتلال الإسرائيلي الذي يفرض حصارا وحربا مستمرين على القطاع.

ومنذ فجر اليوم، استشهد 4 أشخاص بسبب سوء التغذية والجفاف بينهم طفلان، بحسب ما أفادت به مستشفيات القطاع، في ظل تزايد التحذيرات من موت جماعي وشيك جراء الجوع والعطش بالقطاع المحاصر.

شاركها.