جوبا- اختتم وفد من مجلس السلم والأمن التابع لـ لاتحاد الأفريقي، أمس الثلاثاء، زيارة استمرت 3 أيام إلى العاصمة جوبا، أكد خلالها دعمه لمسار السلام الهش في جنوب السودان والتحضيرات الجارية للانتخابات المرتقبة.

وجاءت الزيارة، التي ترأسها السفير الجزائري محمد خالد بصفته رئيس المجلس لأغسطس/آب الجاري، وسط انتقادات من مراقبين اعتبروا أن المحادثات لم تتطرق بما يكفي إلى الأزمات السياسية المتفاقمة، بما في ذلك حالات الاعتقال ذات الدوافع السياسية.

وشدد الوفد الزائر من الاتحاد الأفريقي في بيان صحفي، على ضرورة التنفيذ الكامل للمهام المتبقية في اتفاق السلام المُنشَّط، ودعا إلى وقف إطلاق نار دائم، وحماية المدنيين والعاملين في المجال الإنساني.

تأكيد الانتخابات

وأعرب المجلس عن دعمه الثابت لتنظيم الانتخابات في ديسمبر/كانون الثاني 2026، والتي ستشكل نهاية الفترة الانتقالية في جنوب السودان، داعيا لحوار سياسي شامل على مستوى رفيع بين القادة السياسيين للتوصل إلى حل ودي للوضع السياسي الراهن في البلاد.

واختتم البيان بالتأكيد على أن المهمة الميدانية لمجلس السلم والأمن تأتي تعبيرا عن تضامن الاتحاد الأفريقي مع شعب جنوب السودان، بهدف تشجيع الأطراف المعنية وقادة جنوب السودان على إنهاء الصراع وضمان إتمام الفترة الانتقالية بنجاح”.

وأجرى المجلس سلسلة مشاورات واسعة شملت رؤساء مفوضية الانتخابات ولجنة المراجعة الدستورية، وممثلين عن المنظمات الدينية والمجتمع المدني ومراكز الأبحاث ووسائل الإعلام، إلى جانب دول الترويكا (الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والنرويج)، والاتحاد الأوروبي، وبعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان.

وشملت المحادثات أيضا مكتب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، واللجنة المعاد تشكيلها للرصد والتقييم المشترك، والهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد)، فضلا عن وزراء في الحكومة وأعضاء بارزين من لجنة إدارة الفترة الانتقالية.

لحظة وصول الوفد الأفريقي إلى جوبا قبل أيام (وزارة خارجية جنوب السودان)

أزمة سياسية

وأعرب المجلس خلال لقائه رئيس جمهورية جنوب السودان سلفا كير ميارديت، عن قلقه إزاء بطء تنفيذ البنود الرئيسية في الاتفاق، وخاصة تنظيم الانتخابات لإنهاء الفترة الانتقالية، وأشاد بالالتزام الذي أبداه الموقّعون على عملية الانتقال.

والتقى الوفد الزائر من الاتحاد الأفريقي أيضا بممثلي تنظيمات المجتمع المدني في جنوب السودان، الذين قدموا رؤيتهم ومقترحاتهم للخروج من الأزمة السياسية والأمنية والإنسانية في البلاد.

وقال المدير التنفيذي لمنظمة “تمكين المجتمع من أجل التقدم” (سيبو)، إدموند ياكاني، في تصريح صحفي، إن الوفد استمع إلى مداخلات ممثلين عن الشباب والنساء ورجال الدين وأصحاب المصلحة، تضمنت مقترحات بعقد اجتماع شامل يضم جميع الأطراف الموقعة على اتفاق السلام المُنشَّط، والإفراج عن جميع المعتقلين، بمن فيهم النائب الأول لرئيس الجمهورية ورئيس الحركة الشعبية في المعارضة رياك مشار، لضمان مشاركتهم في هذا اللقاء.

وأشار ياكاني إلى أن تلك التنظيمات طرحت خلال الاجتماع جملة من التوصيات التي تهدف لتعزيز اتفاق وقف إطلاق النار والعدائيات في جميع أنحاء البلاد لمعالجة الأزمة الإنسانية، والتأكيد على أهمية إجراء الانتخابات باعتبارها الحل الأمثل لإنهاء الأزمة السياسية، مع دعوة الاتحاد الأفريقي لدعم المفوضية القومية للانتخابات وبناء قدراتها الفنية لضمان تنظيم انتخابات حرة ونزيهة.

من جهتها أعربت الحركة الشعبية عن خيبة أملها من إلغاء وفد مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي اجتماعا كان مقررا بين ممثليها والوفد في السادس من أغسطس/آب الجاري.

وأكد نائب رئيس الحركة أويت ناثانيال في رسالة إلى رئيس الوفد بالقول إن “إلغاء الاجتماع يمثل غيابا للإرادة السياسية”، مشيرا إلى أن النتائج المتوقعة من لقاء الوفد مع مؤسسة الرئاسة في جوبا لن تعكس موقف المعارضة، وأنها لا ينبغي أن تُشكل أساسا لأي قرار بشأن عملية السلام في البلاد.

ويرى الكاتب والمحلل السياسي أجو لول أن تنفيذ اتفاق السلام المنشط يواجه صعوبة، خاصة بعد محاولة انقلاب داخل الحركة الشعبية في المعارضة لتعيين قيادة جديدة بديلة لمشار، ما يعقد مهمة وفد مجلس السلم والأمن الأفريقي في التفاوض مع الحكومة حول مسار جديد للاتفاق.

تهم قضائية

وأضاف لول في حديثه للجزيرة نت أن رياك مشار يواجه تهما أمنية وقانونية قد تعيق الإفراج عنه، وإذا لم تثبت هذه التهم، فقد تواجه الحكومة تداعيات من الاتحاد الأفريقي تصل إلى فرض عقوبات محتملة، بما في ذلك إسقاط العضوية، كما حدث مع السودان الشمالي سابقا.

واعتبر الكاتب والمحلل السياسي جورج وحيد الله أن جهود الاتحاد الأفريقي تواجه عقبات كبيرة بسبب مقاومة الحكومة ورفضها إطلاق سراح مشار، وهذا يعقد استقرار المشهد السياسي.

وقال وحيد الله في حديثه للجزيرة نت “أعتقد أن مقاومة الحكومة لجهود الاتحاد الأفريقي قد أعاقت المهمة، كما أن منع الوفد من لقاء رياك مشار سيزيد من تعقيدات المشهد السياسي، كما أن رفض المعارضة المضي في الترتيبات الأمنية قبل إطلاق سراحه يضع الاستقرار في موقف صعب”.

وأضاف “تحتاج الحكومة للمرونة لإنقاذ الاتفاق، وعدم الاستجابة لمبادرات الاتحاد الأفريقي يشير إلى ضعف الإرادة السياسية، ويجب إعطاء أولوية لإرادة المواطنين في تحقيق السلام في جنوب السودان”.

شاركها.