ظلت الخزانات الكبيرة لسنوات تخزن المياه الملوثة من محطة فوكوشيما للطاقة النووية المعطلة، وهي موقع إحدى أسوأ الكوارث النووية على الإطلاق، ولكن مع نفاد المساحة تخطط اليابان للبدء في إطلاق أكثر من مليون طن متري من المياه المعالجة أو أكثر من 500 حوض سباحة أولمبي في المحيط الهادئ هذا الأسبوع. وقد نظرت السلطات اليابانية والوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة في هذه العملية التي من المتوقع أن تستغرق أكثر من ثلاثة عقود، واعتبرتها آمنة، لكن الخطة تواجه معارضة من صناعة صيد الأسماك في اليابان والدول المجاورة.

صرف المياه المعالجة

تعهد رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا هذا الأسبوع بأن عملية صرف المياه المعالجة ستتم بشكل آمن ومراقبة تأثيرها عن كثب. ووصفت السلطات اليابانية ذلك بأنه خطوة ضرورية لإيقاف تشغيل محطة فوكوشيما بعد نحو 12 عاماً من وقوع زلزال هائل، وما أعقبه من موجات تسونامي أدت إلى انهيار ثلاثة مفاعلات نووية.

وبعد مراجعة دامت عامين، أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في يوليو أن النهج الذي تتبعه اليابان «يتوافق مع معايير السلامة الدولية ذات الصلة». وقالت الوكالة الدولية التي افتتحت الآن مكتباً في المحطة، إنها ستبقى في الموقع لتقييم مدى سلامة الإطلاق مع مرور الوقت.

ويشير العلماء الذين يدعمون الضوء الأخضر للوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى أن المنشآت في جميع أنحاء العالم نفذت مثل هذه العمليات، التي تقع ضمن المعايير التنظيمية.

وقال أستاذ العلوم البيئية بجامعة بورتسموث في المملكة المتحدة، جيم سميث: «في أي موقع نووي آخر في العالم سيعتبر هذا إطلاقاً روتينياً للمياه المعالجة بمستويات منخفضة جداً من النشاط الإشعاعي».

وحذر علماء آخرون بما في ذلك لجنة استشارتها 18 دولة من جزر المحيط الهادئ من أنهم لم يطلعوا على معلومات كافية لدعم سلامة الإصدار. وأضافوا أن التأثير المحتمل على المحيط لم يتم فحصه بشكل كامل. ووصف النائب السابق لرئيس اللجنة الدولية للوقاية من الإشعاع، وهي هيئة استشارية مستقلة، جاك لوتشارد، نظام تصريف المياه في اليابان بأنه «فعال للغاية»، ومع ذلك أضاف أنه «لم تكن هناك أي مشاورات حقيقية مع السكان المحليين»، وهي مشكلة قال إن الوقت لم يفُت بعدُ لمعالجتها.

تأثير المياه على الحياة البحرية

خلصت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى أن خطة «التصريف التدريجي والمراقب للمياه المعالجة إلى البحر» سيكون لها «تأثير إشعاعي ضئيل» على الناس والبيئة.

وقال أستاذ الأبحاث في جامعة هاواي ومدير مختبر «كيوالو» البحري، بوب ريتشموند، إن التلوث الناجم عن المواد المشعة في المياه المعالجة يمكن أن ينتقل من قاع الشبكة الغذائية عبر كائنات صغيرة مثل العوالق النباتية إلى أكبرها مثل سمك التونة.

وقال ريتشموند إن هذه المواد المشعة تتراكم بمرور الوقت، وتصل في النهاية إلى مستويات عالية بما يكفي لتدمير خلايا الحمض النووي الريبوزي (دي إن إيه) والحمض النووي الريبي (آر إن إيه)، إذا تم تناولها من خلال المأكولات البحرية، مثل المحار والكركند. وأضاف أن ذلك قد يثير مخاوف بشأن الإصابة بالسرطان على المدى الطويل.

وأوضح ريتشموند: «لا يمكننا الاستمرار في استخدام المحيط كمكان للتخلص النهائي من كل شيء لا نريده على الأرض دون عواقب وخيمة». وحذر الخبير من أن آثار قرار اليابان ستكون محسوسة أولاً في جميع أنحاء المجتمعات الساحلية اليابانية، ثم في جميع أنحاء العالم من خلال تيارات المحيطات والحياة البحرية والانتقال بواسطة المواد البلاستيكية.

معارضو الخطة

على الرغم من ضمانات الحكومة اليابانية والوكالة الدولية للطاقة الذرية، حثت صناعة صيد الأسماك والجماعات البيئية طوكيو على التخلي عن الخطة، ما أثار تساؤلات حول عواقبها. وانتقدت منظمة السلام الأخضر في شرق آسيا خطة التفريغ، قائلة إنها تتجاهل الأدلة العلمية ومخاوف مشغلي الصيد.

وقُبيل موسم الصيد في فوكوشيما في سبتمبر تخشى صناعة صيد الأسماك الضرر المحتمل الذي قد يلحق بسمعة بضائعها التي لاتزال تحمل وصمة التعرض للإشعاع. وقال رئيس الاتحاد الوطني للجمعيات التعاونية لمصايد الأسماك هذا الأسبوع: «السلامة العلمية والسلامة من الناحية الاجتماعية أمران مختلفان».

من جهتها، قالت الحكومة اليابانية إنها ستراقب جودة المياه بعد إطلاقها، ووعدت بتعويض التأثير على سبل عيش القائمين على الصيد، وقد واجه إطلاق المياه من المحطة النووية أيضاً اعتراضات من المسؤولين والمحتجين في كوريا الجنوبية على الرغم من تأكيد حكومة سيؤول بأن الخطة تلبي المعايير الدولية إذا تم التعامل مع المياه كما هو مخطط لها.

وفي سياق متصل، قال حاكم هونغ كونغ، جون لي، في بيان على الإنترنت، يوم الثلاثاء، إنه يعارض القرار، متعهداً بتفعيل إجراءات مراقبة الواردات على الفور ضد الأغذية اليابانية.

ووصف المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، وانغ وينبين، القرار بأنه «أناني وغير مسؤول» في مؤتمر صحفي الأسبوع الماضي.

مادة التريتيوم

يمر الماء عبر نظام ترشيح يهدف إلى إزالة العناصر المشعة، ولتقليل تركيزات التريتيوم، وهي مادة مشعة يصعب فصلها عن الماء، ستقوم السلطات أيضاً بتخفيف المياه المعالجة قبل تصريفها في المحيط. وتقول السلطات اليابانية إن تركيز التريتيوم سينخفض إلى مستويات المحيط الخلفية بعد التخفيف، وتتضمن الخطة المقرر أن تبدأ يوم الخميس تصريف المياه المعالجة بمعدل أقصى يبلغ 132 ألف غالون يومياً عبر نفق تحت الماء قبالة سواحل اليابان، وستقوم الوكالة الدولية للطاقة الذرية بمراقبة عملية التصريف.

وقال سميث إنه من المتوقع أن تكون كمية التريتيوم في مياه الصرف الصحي أقل بنحو سبع مرات من الحد المسموح به لمياه الشرب وفقاً لمنظمة الصحة العالمية. ويتعرض الناس للتريتيوم بكميات صغيرة من خلال مياه الصنبور وماء المطر. وأضاف: «ستكون هناك كميات ضئيلة من النشاط الإشعاعي كما هو الحال في المواقع النووية الأخرى حول العالم»، مضيفاً أن هذا «سيكون بمستويات ضئيلة».


عمليات مماثلة

يقول عالم البيئة بجامعة بورتسموث البريطانية، جيم سميث، إن الخطر الذي يشكله ذلك على الدول المحيطة بالمحيط الهادئ ربما يكون ضئيلاً. ويضيف: «أتردد دائماً في قول صفر، ولكن قريب من الصفر».

ويشير سميث إلى أن إطلاق المياه الملوثة بالتريتيوم هو جزء من إجراءات التشغيل المعتادة لمحطات الطاقة النووية. ويقول إن كلاً من محطة «هايشام» للطاقة النووية، ومحطة «سيلافيلد» لمعالجة الوقود النووي في المملكة المتحدة، تطلق كميات معتبرة من مادة التريتيوم في المحيط كل عام. ويقول العالم البريطاني: «بشكل عام نظراً لأنه باعث ضعيف جداً، فهو ليس ساماً إشعاعياً حقاً». وتقول شركة: «تيبكو» اليابانية إنه ستكون هناك مراقبة مستمرة للحياة البحرية والرواسب حول المنطقة، وهو ما ستقوم به الشركة وهيئة التنظيم النووي اليابانية والوكالة الدولية للطاقة الذرية.

• 132000 غالون من المياه المعالجة سيتم تصريفها في المحيط يومياً.

• واجه إطلاق المياه من المحطة النووية اعتراضات من المسؤولين والمحتجين في كوريا الجنوبية.

شاركها.