|

قال موقع “أوريان 21” إن خبر مقتل مراسل قناة الجزيرة أنس الشريف و4 من زملائه كان من المفترض أن يتصدر عناوين الصحف ووسائل الإعلام الفرنسية صباح الاثنين، مع التذكير في بداية كل برنامج، بأن إسرائيل تمنع الصحفيين من الوصول إلى غزة، وتقتل زملاءهم الذين يمكنونهم من معرفة ما يحدث هناك.

غير أن الخبر الذي ورد في إسرائيل على أنه “مقتل إرهابي”، وعلى الجزيرة أنه “اغتيال صحفي”، وصفته قناة فرنسا الدولية بأنه “رصاصة في المنتصف”، وكذلك فعلت فرانس إنفو، في حين قدمت القناة الفرنسية الثانية الميكروفون مباشرة إلى المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أوليفييه رافوفيتش.

مكانة الرواية الإسرائيلية

واستغرب الموقع الفرنسي -في مقال لسارة غريرة- أن الرواية الإسرائيلية لا تزال تحتفظ بمكانتها في الإعلام الفرنسي، بعد عام و10 أشهر من حرب الإبادة الجماعية على غزة، وفي الوقت الذي يخضع فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لمذكرة توقيف دولية صادرة عن المحكمة الجنائية الدولية، وتقام فيه محاكمات لجنود إسرائيليين يحملون جنسية مزدوجة في بلدهم الثاني.

أنس الشريف اتهمه الجيش الإسرائيلي بالانتماء إلى كتائب القسام (الأناضول)

واستغربت رئيسة تحرير الموقع أكثر أن يتوقف تضامن مهنة معروفة بنزعتها النقابية عند الحدود العربية في الشرق الأوسط، في وقت دار فيه الحديث عن “مقتل أكثر من 200 صحفي”، وتساءلت: كم من الأسماء أضيفت إلى القائمة منذ ذلك الحين؟

ومع ذلك -تقول الكاتبة- استطاعت إسرائيل بفضل الحرب في غزة، الانتقال من الإنكار إلى إعلان المسؤولية، فأعلنت مسؤوليتها عن اغتيالاتها، ويكفيها لتبرير ذلك تأكيد وجود صلة بحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، كما يقول الصحفي الإسرائيلي يوفال أبراهام.

ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، شكلت إسرائيل مجموعة تسمى “خلية إضفاء الشرعية” داخل المخابرات العسكرية الإسرائيلية (أمان)، تتألف من ضباط يبحثون عن معلومات تضفي “شرعية” على عمليات الجيش في غزة، وأهمها العثور على صحفيين يمكن تقديمهم على أنهم أعضاء متخفون من حماس.

مشكلة طريقة تغطية عديد من الصحفيين الفرنسيين لاغتيال أنس الشريف لا تكمن في رغبتهم في معرفة المزيد عنه، بل في السياق الضمني، إذ إن أنس الشريف في أعماقهم ربما لم يكن بريئا تماما

ولذلك -كما تقول الكاتبة- بدأت صور أنس الشريف بعد ساعات قليلة من اغتياله، بما فيها صورة له مع قادة لحماس بينهم القائد يحيى السنوار، تدور على وسائل التواصل الاجتماعي بين عشرات الصحفيين، معظمهم فرنسيون.

هل رأيتم هذه الصور؟ ما رأيكم؟ كل ما نريده هو الفهم، وأن نكون أقرب ما يمكن إلى الحقيقة، مع أن عديدا من المراسلين في الشرق الأوسط يحتفظون بصور لأنفسهم مع “دكتاتور” أو “إرهابي”، بل إن الصحفي الفرنسي لورانس فيراري ظهر يبتسم مع مجرم الحرب المطلوب من العدالة الدولية بنيامين نتنياهو.

لا بريء في غزة

وخلصت الكاتبة إلى أن مشكلة طريقة تغطية العديد من الصحفيين الفرنسيين لاغتيال أنس الشريف لا تكمن في رغبتهم في معرفة المزيد عنه، بل في السياق الضمني، إذ أن أنس الشريف في أعماقهم ربما لم يكن بريئا تماما.

وإذا كانت غرف الأخبار لا تزال تعتبر نقل الرواية الإسرائيلية أمرا لائقا، رغم وصف جميع منظمات القانون الدولي ما يحدث في غزة بالإبادة الجماعية، فذلك لأن هذا المشهد -حسب الكاتبة- يجسد فكرة راسخة في أذهان الناس بفعل “الحرب على الإرهاب” تقول: “نحن نحارب برابرة. يجب ألا ننسى ذلك أبدا”.

ولذلك، فالصحفيون الذين تربوا على حقوق الإنسان واللياقة السياسية، والذين سيغضبون لمقتل صحفي في أوكرانيا دون أن ينقلوا دعاية روسية، سيجدون طريقة ما لتبرير جريمة الصحفيين في غزة، مع أنه حتى لو أيد صحفي إسرائيلي حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة، وردد هتافات “الموت للعرب”، وشارك في منع وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وخدم في الجيش خلال هذه الإبادة الجماعية، سيبقى بريئا إلى الأبد.

وخلصت الكاتبة إلى أن “إسرائيل -حسب الرؤية السياسية الإعلامية الغربية- لا تقتل، حتى لو مات فلسطينيون”، ولكنها “تدافع عن نفسها” و”تنتقم” تحسبا لأعمال إرهابية، أو أعمال مرتبطة بجماعات إرهابية، وأولئك الذين يموتون على الأرجح مذنبون، كما هي حال جميع العرب.

شاركها.