أولت دولة الإمارات اهتماماً كبيراً بتطوير التشريعات الناظمة لسوق العمل في الدولة، في إطار نظرة شاملة لأهمية التوازن بين مصالح جميع مكونات سوق العمل، حيث تحظى علاقات العمل بأهمية استراتيجية في نظم التشريع في الدولة مند نشأتها، كونها تُمثّل ركيزة أساسية لاستقرار بيئة العمل، وتحقيق التنمية المستدامة والأهداف الاقتصادية الطموحة للدولة، وريادتها في مجالات سوق العمل كافة.

وجاء المرسوم بقانون اتحادي رقم (33) لسنة 2021 بشأن تنظيم علاقات العمل وتعديلاته، تجسيداً لهذه الرؤية التشريعية المتقدمة، التي تضمن حماية الحقوق، وتعزز من مرونة سوق العمل، وتواكب المعايير الدولية ذات الصلة، بما يحقق المصلحة المشتركة لجميع الأطراف.

ويُعدّ قانون العمل الإماراتي نموذجاً متقدماً للتشريع المتوازن، حيث مكّن الدولة من تصدر تسعة مؤشرات عالمية في مجالات سوق العمل، وحيازة مراكز ريادية متقدمة في بقية المجالات، كونه يجمع بين حماية الحقوق، والتركيز على الواجبات، وتلبية متطلبات سوق العمل، وتعزيز الاستقرار المؤسسي، بما يُشكّل ركيزة أساسية لجذب الاستثمار، ويبرز النهج الإنساني، ويعزز التنافسية والشراكة والاستدامة، كما يتماشى مع محاور اتفاقات منظمة العمل الدولية، ويراعي الخصوصية الاقتصادية والاجتماعية لدولة الإمارات.

ويُجسّد قانون العمل الإماراتي (المرسوم بقانون اتحادي رقم 33 لسنة 2021 وتعديلاته) هذا التوازن بشكل عملي، بما يتماشى مع رؤية دولة الإمارات نحو سوق عمل مرن وجاذب، يواكب المتغيّرات الاقتصادية، ويصون الكرامة الإنسانية للعامل، ويعمل وفق ضوابط وقوانين صارمة أساسها عقد العمل الذي يفرض التزامات متوازنة على أطراف العلاقة العمالية يتم تطبيقها بشفافية في ظل بيئة قانونية راقية، والتي تطبق على منظومة التوطين نفسها التي تفرض عقودها التزامات على المواطنين الموظفين في القطاع الخاص، لضمان حقوق جميع الأطراف.

ويوفر قانون علاقات العمل في الدولة بيئة تشريعية رائدة، لتعزيز جاذبية سوق العمل، وترسيخ مكانة الدولة كأفضل مكان للعيش والاستثمار في العالم، كونه يوفر مظلة حماية شاملة للعمال، ويضمن حقوقهم الأساسية، مثل الأجر، وساعات العمل، والإجازات، والتأمين الصحي، ويُجرّم أي شكل من أشكال التمييز أو التحرش والإكراه في بيئة العمل، إضافة إلى عقود العمل المرنة، وآليات التظلم العادلة والسريعة.

كما يعزز القانون حقوق أصحاب العمل، ويحقق بيئة مستدامة رائدة لنمو أعمالهم، حيث حصلت الدولة على المركز الأول في مؤشرات التنافسية العالمية في قلة النزاعات العمالية، ما يوفر على الشركات التكاليف والعواقب الإدارية والكثير من الجهد والوقت، إضافة إلى أن دولة الإمارات تتصدر المؤشرات العالمية في قلة تكاليف تعويض نهاية الخدمة، وقلة كُلفة الفصل من الخدمة، ومؤشر غياب البيروقراطية، ما يسمح للشركات بمرونة إدارة القوى البشرية.

وتتصدر الدولة المركز الأول في نمو القوى العاملة، ومؤشر الخبرات العالمية، وقدرة الدولة على استقطاب المواهب، كما حصلت على المركز الأول عربياً في مؤشر المواهب العالمي 2024، وفقاً للمعهد الدولي للتنمية، ما يُشكّل عاملاً حاسماً وركيزة رئيسة في نمو الشركات وتنافسيتها، بفعل وجود واستقطاب القوى العاملة الماهرة والقادرة على القيام بمتطلبات الأعمال العصرية.

وحققت استراتيجية الدولة وكفاءة تطوير التشريعات ومرونتها نتائج ملموسة في مسيرة التنمية المستدامة، من خلال نمو أعداد الشركات الجديدة بنسبة 32.16% العام الماضي 2024، وتعزيز مكانة الدولة وجهةً جاذبةً للاستثمار، خصوصاً في مجالات الاقتصاد المعرفي والتحول الرقمي والذكاء الاصطناعي وغيرها من محاور الاقتصاد العصري التي تُشكّل عصب اقتصاد المستقبل.

ويكفل القانون الإماراتي حقوق أصحاب العمل، بما يحفظ مصالحهم التجارية، ويعزز القدرة التنافسية للقطاع الخاص، من خلال إمكانية إنهاء عقد العمل وفق ضوابط قانونية واضحة، بما في ذلك الإنذار المسبق وصرف المستحقات، مع مراعاة متطلبات العمل المستجدة، وضمان عدم إفشاء الأسرار المهنية بعد انتهاء العلاقة التعاقدية عبر تضمين بنود عدم المنافسة في العقود.

شاركها.
Exit mobile version