قررت الشابة الإماراتية، فاطمة الطنيجي، أن تسلك طريقاً يحمل في طياته بُعداً إنسانياً وطنياً، حيث لم تكن مجرد رائدة أعمال تسعى إلى النجاح التجاري، بل إن قصتها تنبع من تجربة شخصية قاسية مع مرض السرطان، حوّلتها إلى مصدر إلهام، ودفعتها لإطلاق مشروع فريد من نوعه يُجسد الهوية الإماراتية، ويمد يده لدعم من يواجهون المرض ذاته.

من منزلها بمنطقة الرمس في إمارة رأس الخيمة، أطلقت فاطمة مشروعها الخاص تحت اسم «الفاء للكرك والسناك» الذي يقدّم مشروب «الكرك» بخلطة مميزة، إلى جانب مجموعة من الوجبات الخفيفة والأكلات الشعبية الإماراتية، وكل ذلك بروح عصرية تواكب تطلعات الشباب وتُحافظ في الوقت ذاته على الأصالة.

وولدت فكرة المشروع من رحم معاناة حقيقية، فقد أُصيبت فاطمة بمرض سرطان الدم (اللوكيميا) وهي طفلة، وواجهت مجدداً سرطان الغدة بعد سنوات، وبين العلاج والمواجهة والصبر، نشأت بداخلها رغبة صادقة في تحويل الألم إلى أمل، فكان المشروع صورة من صور هذا الأمل.

وقالت فاطمة لـ«الإمارات اليوم»: «أردت أن أقدّم مشروعاً إماراتياً بنكهة محلية ولمسة إنسانية، يجمع بين شغفي بالتراث وعشقي للطبخ، وفي الوقت نفسه، يمد يد العون لمن يمرّون بما مررتُ به».

من هنا جاء قرارها أن يكون للمشروع دور مجتمعي ملموس، حيث تخصص 5% من أرباح «الفاء» لدعم مرضى السرطان، والإسهام في تقديم الرعاية اللازمة لهم، في لفتة إنسانية تعبّر عن تعاطف نابع من تجربة شخصية.

وأضافت: «يتميّز مشروع (الفاء للكرك والسناك) بتقديم (خلطة كرك) فريدة من نوعها، عملت عليها بنفسي لمدة خمس سنوات، من خلال التجربة والتطوير، حتى وصلت إلى نكهة مميزة وفريدة لا تشبه المتاح في السوق، ممزوجة بها بهارات خاصة ولمسات ونكهات تراثية إماراتية، وأقدم إلى جانب الكرك، أصنافاً من المأكولات الشعبية الإماراتية».

وتابعت: «يهدف مشروعي إلى إحياء التراث الغذائي المحلي وتقديمه للأجيال الجديدة بروح معاصرة، من دون أن يفقد هويته»، مشيرة إلى أن «الفاء» يولي اهتماماً كبيراً بجودة المكونات وسرعة الخدمة، ما يسهم في جذب العملاء الذين يتطلعون إلى أجواء تعكس دفء الأصالة الإماراتية.

وقالت فاطمة إن حبها للطبخ هواية بدأت منذ طفولتها، حيث تأثرت بوالدتها وتعلّمت منها أسرار المطبخ الإماراتي، ومع مرور الوقت نما الشغف حتى أصبح جزءاً منها.

وعلى الرغم من أن المشروع لايزال يُدار من المنزل، وتُنجز من خلاله الطلبات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فإن فاطمة لا تتوقف عند هذا الحد، بل تشارك بانتظام في الفعاليات الوطنية والمحلية والمسابقات، وتسعى إلى إيصال منتجها إلى أكبر شريحة من المجتمع.

وتابعت: «أحلم بأن يتحوّل مشروعي إلى محل متكامل يحمل الطابع التراثي الإماراتي، ويكون بمثابة منصة ثقافية وإنسانية تعبّر عن المطبخ المحلي، وتُسهم في خدمة القضايا التي أؤمن بها، وعلى رأسها دعم المرضى، ونشر الأمل في المجتمع، لأن تجربتي مع السرطان علمتني أن العطاء لا يُؤجل، وكل (كوب كرك) أقدّمه هو رسالة أمل للمرضى».

شاركها.
Exit mobile version