تزخر المملكة بتراث ثقافي متنوع، من ضمنها الفنون الشعبية والرقصات التراثية، ويبرز في مناطقها الجنوبية، تحديدًا في عسير لون “القزوعي”، ويعد أبرز الفلكلوريات التي تمزج بين الأصالة والحماسة، وتضفي على المناسبات الاجتماعية والأعياد طابعًا مميزًا.

ويعود أصل القزوعي إلى رقصة حربية خالية من الإيقاعات الموسيقية، تعتمد على تمازج الأصوات مع وقع الأقدام، ويؤديها المشاركون في صفين متقابلين في هيئة شبه دائرة، يتوسطهم شاعر أو أكثر في محاورة شعرية مباشرة قد تكون ثنائية أو رباعية أو أكثر، تبعًا لطبيعة المناسبة وحجم المشاركة.

ويتولى “المزيف” أو “المسوعب” دور الموجه وضابط الإيقاع، منسقًا لحركات المؤدين، مستخدمًا خنجرًا أو عصا كإشارة بصرية يتابعها الجميع، ومع تزايد عدد المشاركين، ينحني الصفان تدريجيًا حتى يلتقيا في دائرة واسعة قد تضم أكثر من مئة مؤدٍّ من مختلف الأعمار.

ويتميز الأداء بالتفاعل اللحظي بين الشعراء والمؤدين، إذ يلقن الشعراء الصف الأول صدر البيت الشعري، ثم ينتقلون بسرعة إلى الصف المقابل لتلقينه الشطر نفسه، قبل أن يردده الجميع بصوت جماعي جهوري.

ويتكرر الشطر من أربع إلى ست مرات بحسب طول القصيدة وقوة الإلقاء، ثم يُنتقل إلى العجز بذات الإيقاع واللحن، الذي يتنوع وفق النص الشعري وعدد المؤدين.

وأضحى لون القزوعي أكثر من مجرد رقصة شعبية، إذ تحول إلى لوحة جماعية تجسد وحدة الصف وتستحضر أجواء البطولة والفخر في ذاكرة المكان، ليظل رمزًا ملهمًا للأجيال، وركنًا راسخًا من هوية عسير الثقافية وإرثها الوطني العريق.

شاركها.