الاقتصاد العالمي ليس بخير أبداً. مؤشرات كثيرة تدل على عمق الأزمة وحدّتها. الرئيس الأمريكي دونالد ترمب يؤكد أن الولايات المتحدة الأمريكية تشهد طفرة هائلة في عهده ولكن ذبذبة أداء الأسواق المالية الأمريكية لا تدعم كلامه واستمرار معدلات التضخم المرتفعة (وهو الذي وعد انتخابياً بالقضاء عليها) تناقض تصريحه، وها هي بيانات معدلات البطالة تزيد من تأكيد الحالة بإعلانها عن هبوط شديد جداً في الوظائف الجديدة. فرح مؤيدو دونالد ترمب لبرهة من الوقت حينما أعلنوا أنه ولأول مرة حقق شهر يوليو الفائت فائضاً في الميزان التجاري الأمريكي وذلك بسبب التعرفة الجمركية الحادة التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية بإصرار من قبل ترمب على دول العالم.

وجّه دونالد ترمب سهام الاتهام والغضب على رئيس مجلس إدارة الاحتياطي الفيديرالي واتهمه بالتواطؤ والعمل على إفشاله كونه لم يخفّض معدلات الفائدة لكبح جماح التضخم والذي يصر دونالد ترمب أنه انتهى، وأن ما يحصل هو بسبب تعنّت الاحتياطي الفيديرالي.

الصين تحاول إعادة هندسة اقتصادها بعيداً عن الضغوطات والعقوبات والضرائب والجمارك الأمريكية واستعادة الزخم الأولي الذي مكّنها من تحقيق معدلات نمو تاريخية وقياسية لسنوات متعددة متتالية. فهناك الكثير من شركاتها توسع قاعدة صناعتها جغرافياً خارج الصين لتمكينها من أن تكون أكثر تنافسية. وتحرص الصين على تقوية وتنمية سوقها المحلية لتكون الأكبر عالمياً، وهي نجحت في ذلك في قطاع السيارات على سبيل المثال لا الحصر. وهذا يصب في مصلحة الشركات الصينية في المقام الأول لتكون أكثر تنافسية.

أوروبا هي الأخرى تعاني، ففي عالم التقنية الحديثة ومنتجات الذكاء الاصطناعي تبدو القارة العجوز بأنها خارج اللعبة الجديدة تماماً وأن التنافس على الكعكة هذه سيكون حصرياً بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين. والقارة الأوروبية لديها تحدياتها الكبيرة. معدلات نمو سكاني متدنية جداً ومجتمع يشيخ، تدفق أعداد كبيرة من المهاجرين غير الشرعيين وسوق العمل بحاجة ماسة لهم ولكن التكلفة الاجتماعية تبقى باهظة للغاية. بالإضافة إلى أن فاتورة التسليح والأمن والدفاع التي بات على الدول الأوروبية تحمّل أعبائها بنفسها سيكون ذلك على حساب النمو الاقتصادي.

حتى أشد مؤيدي إسرائيل في أمريكا لا يستطيعون تبرير استمرار تدفق البلايين من الدولارات من الولايات المتحدة الأمريكية لدعم حكومة متطرفة تمارس أشد أصناف الإبادة الجماعية وتحقق إسرائيل فائضاً مالياً في ميزانياتها بينما يستمر العجز المالي في أمريكا.

الأجواء الاقتصادية السلبية متى ما طال أمدها واستمرت يكون المناخ ملائماً لمروّجي نظرية «إن ما يحتاجه الاقتصاد هو حرب جيدة»، مستذكرين كيف تسبّبت الحرب العالمية الثانية في توظيف الآلاف من الناس ودوران عجلات الإنتاج الصناعي بلا توقف مما أدى إلى طفرة اقتصادية كبيرة.

حرب بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا باتساع رقعة الصراع أوروبياً؟ ممكن. اتساع العدوان الإسرائيلي على مناطق جديدة؟ ممكن. استغلال الصين للوضع العالمي العام واستعادة تايوان؟ ممكن. سيناريوهات متطرفة كلها واردة لأجل تحريك الاقتصاد العالمي المتضرر.

أخبار ذات صلة

 

شاركها.