تمضي الفنانة نيرمين محسن، في تجربتها التمثيلية بخطوات هادئة لكنها متنامية بثبات.

لا تعتمد على القفزات الفجائية أو المجازفات الاستعراضية، بل على اختيار دقيق، وأداء متوازن، وقدرة على التعامل مع الشخصية ككائن متحرك، لا كقالب جامد. ومع فيلم «إسعاف»، يمكن القول إنها بلغت إحدى محطاتها المفصلية، سواء من حيث الحضور الجماهيري، أو من ناحية النضج الفني.

منذ بدايتها 2010م، مرّت نيرمين بمحطات متعددة كوّنت ملامحها دون ضجيج، لكنها خلال السنوات الأخيرة، وتحديداً بعد مشاركتها المؤثرة في مسلسل «العاصوف»، بدأت تقدم أداءً أكثر تماسكاً، يُظهر فهماً أوضح للشخصية والسياق.

كان حضورها متقناً من حيث الإيقاع الداخلي للدور، ومراعاة البيئة الدرامية المحيطة، وهو ما كشف قدرة تمثيلية تنضج بصمت، لا تستعرض نفسها بقدر ما تتقن أدواتها.

ومع فيلم «إسعاف»، تجاوزت نيرمين محسن، المساحة التلفزيونية إلى السينما من خلال عمل حقق نجاحاً جماهيرياً مميزاً، نال إشادة واسعة بفضل طبيعته الواقعية وقربه من تفاصيل الحياة اليومية، وجاء دورها ممرضةً سعوديةً ضمن طاقم طبي ليضيف إلى رصيدها بُعداً مختلفاً؛ أدّت الشخصية باقتصاد وتوازن، دون انفعال زائد أو سطحية، وهو ما منح الدور صدقية وعمقاً رغم بساطته الظاهرية.

ما يُحسب لنيرمين، في هذا الدور أنها لم تُغرق الشخصية في الميلودراما، بل منحتها حضوراً متزناً وواقعياً، مستندة إلى فهمها الداخلي للسياق المهني والإنساني للدور. والنجاح الذي حققه الفيلم لم يكن مجرد نجاح جماهيري، بل فرصة لعرض نوعية أداء ناضج يقابل الكاميرا بثقة.

خلال العامين الأخيرين، برزت نيرمين بأدوار ذات طبيعة مختلفة، تنقلت فيها بين الكوميديا الاجتماعية والدراما العائلية، وظهر في أدائها تطوّر ملموس في التلوين التعبيري والسيطرة على الإيقاع الداخلي للشخصية.

لم تعد تكتفي بالحضور الجمالي أو الخفة في الأداء، بل أصبحت تميل إلى تقديم أدوار تترك أثراً، حتى في المساحات المحدودة.

تجربتها الجديدة مقدمةَ برامج على شاشة MBC، لم تُشكّل قطيعة مع التمثيل، بل جاءت استكمالاً لصورة إعلامية أوسع، تتيح لها بناء حضور متعدد الأوجه، دون أن تُربك هويتها ممثلةً.

وحين تصف نيرمين محسن 2025م، بأنه «عامها السينمائي»، فإن ذلك لا يُقرأ مجرد لحظة انتقال للسينما، بل لحظة تتويج لمسار تراكمي بدأ منذ سنوات، وتطوّر بمرور الوقت. فيلم «إسعاف» ليس ذروة التجربة، لكنه نقطة تحوّل يمكن البناء عليها، إذا ما استمرت في اختيار أعمال تمنحها أدواراً حقيقية، وتبتعد عن الأدوار الجاهزة والمكرّرة.

الفنانة نيرمين محسن، لا تقدّم نفسها حالةً استثنائيةً، لكنها باتت اليوم تمتلك أدوات فنانة تعرف ماذا تفعل، ومتى تفعل، وكيف تحافظ على توازنها وسط تحوّلات المشهد. ونجاحها في «إسعاف»، إلى جانب أدوارها الأخيرة، يؤكد أنها تتقدم بثبات، لا كوجه جديد، بل كصوت تمثيلي ينمو بهدوء، لكنه يصل بثقة.

أخبار ذات صلة

 

شاركها.
Exit mobile version