للمرأة السعودية أثرٌ عظيمٌ وبارزٌ في العمل الخيري في المملكة العربية السعودية؛ إذ برز عدد من النساء كان لهن دور ومشاركات في العمل الخيري، فخلدن سيرتهن رائدات في مجالات متنوعة في العمل الخيري، كتخصيص أوقاف للإنفاق على الفقراء والمحتاجين، أو أوقاف كتب لطلاب العلم؛ مما يعطينا دلالة على حرصهن علـى توفير مصادر العلم لأفراد المجتمع؛ لإدراكهن بأن العلم والتعلم من دلالات المجتمعات المتقدمة ومؤشر للتنمية.
وقد كان لوقف الكتب أهمية عالية وضرورة قصوى في إحدى الفترات من التاريخ؛ وذلك لندرتها وصعوبة الوصول إليها؛ لذا برزت إحدى الشخصيات النسائية في الأسرة المالكة التي كان لها دور في أوقاف الكتب، وهي: الأميرة نورة بنت فيصل بن تركي آل سعود، التي اهتمت بالعلم ونشره؛ فأوقفت نسخة «طريق الهجرتين وباب السعادتين» لابن قيم الجوزيه، عام (١٢٧٦هـ/ ١٨٥٩م)، وأوقفت كتابين للبخاري، هما: صحيح البخاري، أوقفته عام (١٢٧٧هـ/ ١٨٦٠م)، وكتاب «الأدب المفرد» الذي أوقفته عام (١٢٧٨هـ/ ١٨٦٢م)، وكذلك أوقفت كتاب «الروض المربع شرح زاد المستنقع» لمنصور البهوتي. ومن الرائدات في أوقاف الكتب كذلك: الأميرة منيرة بنت مشاري بن حسن آل سعود (زوجة الإمام فيصل بن تركي)، التي أوقفت نسخة من كتاب «تطهير الاعتقاد من أدران الإلحاد»، للصنعاني، والأميرة الجوهرة بنت فيصل بن تركي آل سعود، التي اهتمت بجمع الكتب وجعلها وقفاً لطلبة العلم، منها: كتاب «حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح» لابن القيم الجوزيه، وسارت على نهجها ابنة أخيها الإمام عبدالله بن فيصل (ثالث أئمة الدولة السعودية في دورها الثاني) الأميرة سارة بنت عبدالله بن فيصل بن تركي آل سعود، التي أوقفت أيضاً العديد من الكتب، نذكر منها: «طريق الهجرتين وباب السعادتين» لابن قيم الجوزيه، وكتاب صحيح البخاري، وسنن أبي داود. ويجب أن ننبه إلى أن بعض هذه الكتب الموقوفة محفوظة في مكتبة الملك فهد الوطنية.
ومن الملاحظ أنه يوجد تشابه في بعض عناوين تلك الكتب التي أوقفت، فيتضح للناظر فيها الفلسفة المتبعة في وقفها، من بناء وتكوين مجتمعات قادرة على البناء والإنتاج وحماية ذاتها ووطنها؛ فالعلم مرآة الشعوب وبه ترتقي، فضلًا عن أن لهذه الأوقاف العلمية أبعاداً عديدة؛ منها الاستثمار في الإنسان وضمان جودة حياته، وإدارة المعرفة وتبادلها، وضمان استدامة تلك العلوم وتناقلها بين الأجيال.
وفي مجمل القول: للمرأة في الأسرة المالكة إسهامات واسعة في الأعمال الخيرية النسائية المتباينة امتدت لتشمل كل مجالات الحياة الاجتماعية، والثقافية، والاقتصادية، وتمثلت في الإنفاق على أعداد كبيرة من العلماء والطلبة والفقراء والأرامل والأيتام، وغير ذلك من أوجه النفع والمجالات الخيرية.
أخبار ذات صلة