في عالم الشعر العربي، حيث يلتقي التراث مع الحداثة، ظهر اسم الشاعر مهذل بن مهدي الصقور اليامي كواحد من أبرز الشعراء السعوديين المعاصرين.

الذي جمع بين الشعر النبطي والفصيح وصدح صوتًا مميزًا في ساحة الأدب العربي. لقب بـ «شاعر القيامة» بعد قصيدته الشهيرة المستوحاة من قصة أصحاب الأخدود، التي جسدت الصمود ومواجهة الطغيان، ليصبح من رموز الأدب السعودي المعاصر. ورغم ابتعاده الطويل عن الإعلام، فضّل الصقور أن تكون القصيدة أهم من حضوره الشخصي قائلاً: «أن تطغى القصيدة على الشاعر أجمل من أن يطغى الشاعر على القصيدة». ومع ذلك، فإن ظهوره الأخير عبر بودكاست «ذا قال» كان حدثًا لافتًا، حيث كشف عن دوافعه وتجارب حياته، وحظي بترحيب واسع من الجمهور والنقاد.

قصيدته الأشهر «أتظن أنك عندما أحرقتني» تعد علامة فارقة في مسيرته، إذ صاغ من خلالها ملحمة شعرية، حيث يقول:

أتَظُنُّ أنكَ عندما أحرَقْتَنِي

ورَقَصْتَ كالشيطانِ فوق رُفاتي

وتَرَكْتَنِي للذَّاِرياتِ تَذُرُّنِي

كُحلاً لعين الشمس في الفلوات

هذه الصور الشعرية القوية تجسدت ذروتها في بيت خالد أصبح عنوانًا لهويته الشعرية:

عبثًا تحاول لا فناء لثائر

أنا كالقيامة ذات يوم آت

وفي حديثه عن مسيرته، أشار الصقور إلى أن ابتعاده عن أرض الوطن وسفره إلى أمريكا ألهمه قصائد مليئة بالشوق والحنين، وهو ما أضفى بُعدًا إنسانيًا، وامتد شعره إلى الغزل برقة وعمق، إذ أبدع في رسم صور عاطفية آسرة، منها قوله:

يا امرأةً تكبر في عيني

وتغزوني في عمق كياني

يا امرأة تملأ لي الدنيا

فأراها في كل مكاني

وفي موضع آخر، يرسم ملامح العيون ببلاغة شاعرية:

سود العيون أو ذا عقيق يماني

بثلج المحاجر في شتاء ليل الأهداب

إلى جانب ذلك، برزت له نصوص أخرى لاقت انتشارًا واسعًا مثل «خايف على اسمك يا فقيدة لساني»، و«لو سولف من الصبح لليل ما أملّ»، و«في حمى الأثرياء كونوا عبيداً». وقد تفاعل الجمهور عبر المنصات الرقمية بشكل كبير مع قصائده، واعتبروا ظهوره الأخير محطة فارقة كشفت عن شاعرية أصيلة تجمع بين الفلسفة والعاطفة.

وبحضوره المختلف، أعاد الشعر العربي إلى موطنه الأصلي، أرض الجزيرة العربية، حيث وُلدت الكلمة الشعرية الأولى، وحيث يستمر وهجها حاضرًا ومتجددًا عبر أصوات شعراء مخلصين للهوية والقصيدة.

مهذل الصقور ليس مجرد شاعر كتب عن الصمود أو الغزل، بل هو صوت سعودي فريد يمزج بين الفصيح والنبطي، بين الفلسفة والوجدان، ليؤكد أن الشعر حي لا يموت، بل يبعث من جديد، تمامًا كما قال:

«أنا كالقيامة ذات يوم آت».

أخبار ذات صلة

 

شاركها.
Exit mobile version