من رحم التحديات تولد الحكايات الاستثنائية، ومن بين تلك الحكايات، برز اسم عبدالعزيز العيوني، الشاب السعودي الذي تجاوز كل التوقعات منذ ولادته، ليصل إلى العالمية متوَّجاً ببطولة العالم في رياضة الملاكمة التايلندية لعام 2025، بعد مسيرة إنسانية ومهنية ملهمة، انطلقت من بيئة عمل احتضنته وراهنت على قدراته.

في عام 2004، وُلد عبدالعزيز في أحد مستشفيات الرياض، وكانت لحظة ولادته بداية لاختبارٍ عسير؛ حيث بادر الطبيب بإبلاغ والدته أن طفلها يعاني من متلازمة داون، وثقوب في القلب، ومشكلات صحية متعدّدة، قائلاً لها: «ما أتوقع يعيش أكثر من 10 سنوات، فلا تتعلقين فيه كثير واهتمي فيه صحياً بس، لأن ممكن يفارق الحياة».

كلمات وقعت كالصاعقة على الأم، لكنها لم تُثنِها عن التمسك بأملها وإيمانها بأن «الله لا يخلق عبثاً».

نشأ عبدالعزيز في بيئة أسرية تحتضنه بالمحبة والعدل، لم يُعامَل يوماً على أنه حالة خاصة أو استثناء. كانت والدته تردد على مسامعه دوماً: «انت مختلف، لكن ما انت ناقص.. انت هدية من ربي». هذه الكلمات لم تكن مجرد دعم عاطفي، بل أسست بداخله شخصية واثقة، ترى في التحدي فرصة، وفي الاختلاف مصدر قوة.

التحق عبدالعزيز بمدارس الدمج منذ سن الخامسة، وواصل تعليمه إلى أن تخرج من المرحلة الثانوية بتفوق، وتم تكريمه من قِبل وزير التعليم آنذاك، في لحظة شكّلت بداية انتقاله من مقاعد الدراسة إلى سوق العمل.

وبعد ترشيحه للتوظيف، تواصلت معه شركة ماكدونالدز السعودية، وأجرى المقابلة الشخصية واجتازها بنجاح.

من هنا بدأت مرحلة التحوّل الفعلي. لم تكن الوظيفة في ماكدونالدز مجرّد عمل روتيني، بل مساحة اكتشف فيها ذاته، وعزّز من خلالها ثقته بنفسه. بيئة العمل التي وفرتها له الشركة آمنت به منذ اليوم الأول، واحتضنته عبر برامج تدريب وتأهيل، شجعته على الالتزام، وتحمل المسؤولية، وإبراز إمكاناته.

تقول والدته: «انضمامه لماكدونالدز كان نقطة تحول كبيرة في حياته. احتكاكه مع الجمهور، ودعم الشركة له، كلها أمور ساعدته على التطور في شخصيته ومهاراته. صار يعبر عن رأيه، ويتخذ قراراته بثقة، وكل من حوله لاحظوا هذا التغيير».

ومع نضجه المهني، برزت مواهبه الرياضية. بدأ عبدالعزيز المشاركة في البطولات الرياضية، وتمكّن من تحقيق إنجازات في السباحة ورفع الأثقال على مستوى المملكة. غير أن تألقه الحقيقي جاء في رياضة الملاكمة التايلندية، التي أصبحت بالنسبة له أكثر من مجرد هواية؛ كانت رسالته للعالم: «أنا موجود».

حقق العيوني ثلاث بطولات محلية في الملاكمة التايلندية، ومثّل المملكة مرتين في بطولات عالمية، ليصل في عام 2025 إلى ذروة الإنجاز، ويتوّج رسمياً بلقب بطل العالم في البطولة المقامة في تركيا.

وفي لحظة الفوز، لم يكن وحيداً، زملاؤه ومديروه في ماكدونالدز السعودية كانوا في مقدمة من احتفى به، مؤكدين دعمهم المستمر واعتزازهم بإنجازه.

وخلال حفل تكريمي خاص، وقف الرئيس التنفيذي المالك لشركة الرياض العالمية ⁧‫(ماكدونالدز السعودية‬⁩)، الأمير مشعل بن خالد آل سعود وقال: «أنا لا أتكلم اليوم كمسؤول.. أنا أعتبر نفسي أباً لعبدالعزيز، وفخور جداً فيه وبإنجازاته. هذه من أسعد لحظاتي».

وخلال الحفل، كرّمت الشركة بطلها بمكافأة مالية بلغت 50 ألف ريال، لم تكن مجرد تقدير لميدالية، بل احتفاء بقصة شقّت طريقها بالصبر والثقة والعمل.

تقول والدته: «ماكدونالدز غيّرت عبدالعزيز بشكل إيجابي. هذا التكريم مستحيل أنساه. دعم سمو الأمير وفريق العمل دافع كبير لابني في مسيرته القادمة. أنا فخورة فيه جداً».

قصة عبدالعزيز لم تتوقف عند بطولة، ولا عند منصة تتويج، بل هي مستمرة، لأن خلفه بيئة تؤمن به، وأشخاص دعموه من أول لحظة، وآمنوا أن الإصرار يصنع الأبطال.

ففي كل مرة رُفِع فيها الكأس، كان ذلك احتفالًا بقوة الإنسان حين يُمنَح الفرصة، وبقيمة العمل حين يكون أداة للتمكين، وبقدرة الطموح حين يتجاوز القيود.

أخبار ذات صلة

 

شاركها.