كشفت محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية، معلومات سجلتها أجهزة تتبّع ثبتتها على طائرَيْن من نوع النسر الأسمر الأوراسي، المهدد بالانقراض، تفيد بقطعهما مسافة 245632 كيلومتراً عبر 8 دول خلال الـ29 شهراً الماضية.

وتُعد هذه المعلومات الآنية المسجلة هي الأولى من نوعها في المملكة، وتصدر بمناسبة اليوم العالمي للتوعية بالنسور؛ بهدف تسليط الضوء على التحديات العالمية التي تواجه الحفاظ على النسور والتأكيد على ضرورة تعزيز مستويات التعاون الدولي في مجال الحفاظ على البيئة لضمان استمرار هذه الأنواع.

وأطلقت المحمية الطائرَيْن في 3 أبريل 2023م، وقطع النسر الأول مسافة 119499 كيلومتراً من شمال غرب المملكة وعبر الأردن وسورية والعراق وتركيا وأرمينيا وأذربيجان وإيران، وعاد في شتاء 2023م إلى جنوب غرب المملكة عبر المحمية، ثم هاجر شمالاً في ربيع 2024م، واستقر منذئذٍ في جبال أرمينيا وأذربيجان، وحلّق النسر حتى الآن على ارتفاعات وصلت إلى 6527 متراً فوق سطح البحر، وبسرعات بلغت 123 كيلومتراً بالساعة ضمن درجات حرارة هواء تراوح بين 9 و54 درجة مئوية.

وانطلق الطائر الثاني من أراضي المحمية نحو العراق، وحلّق على ارتفاعات وصلت إلى 9029 متراً فوق سطح البحر (ما يعادل ثلاثة أضعاف ارتفاع طيران الطائرة الخفيفة) وبسرعات بلغت 128 كيلومتراً بالساعة قبل أن يستقر في جبال القوقاز الصغرى في تركيا وإيران، وسجلت أجهزة التتبع المثبتة عليه قطعه مسافة 126133 كيلومتراً عبر المملكة والأردن والعراق وتركيا وإيران، وأشارت هذه المعلومات إلى اختلاف سلوكيات أفراد النوع ذاته بين الهجرة والاستقرار.

وأوضح الرئيس التنفيذي لمحمية الأمير محمد بن سلمان، آندرو زالوميس، أن بيانات التتبّع تعد أول دراسة شاملة لسلوكيات النسر الأسمر الأوراسي في المملكة وخارجها، وأن هذه المعلومات تكشف أن الطائرَيْن قطعا مسافة تعادل 6 دورات حول الأرض خلال أقل من عامين ونصف، مشيراً إلى أهمية التعامل مع أسراب الطيور المهاجرة بوصفها مجموعات فرعية عابرة للحدود؛ بهدف الحفاظ عليها.

وتعاونت محمية الأمير محمد بن سلمان مع المركز الوطني للحياة البرية بهدف إعادة تأهيل طائرَيْن من نوع النسر الأسمر الأوراسي تم إنقاذهما وتوطينهما في البراري في أبريل 2023م، وتم تزويدهما بأجهزة تتبّع لتسجيل سلوكياتهما منذ ذلك الوقت، ووقع الاختيار على هذه المحمية البرية والبحرية، التي تبلغ مساحتها 24500 كيلومتر مربع، لإطلاق الطائرَيْن نظراً لمزاياها بصفتها موئلاً مثالياً لتعشيش واستقرار النسر الأسمر الأوراسي، وزوّدت المحمية الطائرين بأجهزة تتبّع تعمل بالطاقة الشمسية عبر الأقمار الاصطناعية بهدف تعقّب أنماط الحركة والهجرة لكلٍ منهما بعد إطلاقهما، وسيتم التخلّص من هذه الأجهزة تلقائياً بعد ثلاث سنوات عند تحلل أشرطة التفلون التي تثبتها.

النسور تواجه أزمة غير مسبوقة

تواجه النسور أزمة غير مسبوقة على مستوى العالم فيما يخص جهود الحماية البيئية، فعلى الرغم من دورها الحيوي في الحفاظ على سلامة الأنظمة البيئية ومنع انتشار الأمراض من خلال إسهامها في الحفاظ على نظافة الطبيعة، تم إدراج جميع أنواع النسور في قائمة الأنواع المهددة بالانقراض ضمن القائمة الحمراء الخاصة بالاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، ولا تزال تظهر النسور حساسية عالية تجاه التسمّم، سواء المتعمد أو العرضي، إضافة إلى مجموعة من العوامل التي تهدد بفقدان موائلها الطبيعية، والصيد غير المشروع بقصد التجارة، فضلاً عن حوادث الصعق الكهربائي الناتجة عن خطوط الكهرباء.

وتتيح البيانات التي تم جمعها للمحمية، وضع وتنفيذ إستراتيجيات إدارة دقيقة، إذ ساعدت الطيور التي تحمل أجهزة تتبع على تحديد مواقع النسور المقيمة والمهاجرة؛ مما مكّن فرق المراقبة من تركيز جهودها على مواقع محددة داخل نطاق المحمية، ونتيجةً لذلك باتت المحمية ترصد مواطن النسور الموسومة وغير الموسومة على حدٍ سواء، مع ضمان أعلى مستويات الحماية لهذه الموائل وفق مخطط تقسيم المناطق داخل المحمية، وفي سبتمبر 2024م، أفضت هذه الجهود إلى اكتشاف 4 أعشاش نشطة للنسر الأسمر الأوراسي في 3 مستعمرات تكاثر متفرقة؛ مما يعكس نجاح المحمية في كونها ملاذاً طبيعياً لإرث المملكة البيئي.

أخبار ذات صلة

 

شاركها.