ليس غريبًا، ولا جديدًا، ما شهدناه من أجواء ساخنة في الأسابيع الماضية التي سبقت انتخابات نادي الاتحاد وأثناء إقامتها، فهذا هو حال عميد الأندية السعودية، الذي تأسس على التعددية منذ انطلاقته الأولى، بين مؤيد ومعارض، عاشق ومنشق.
* كلنا نتذكر أول انشقاق حدث في تاريخه، الذي على إثره تم إبعاد المنشقين، ليتشكل نادي الاتحاد بهويته الخاصة، التي ظلت حتى اليوم مثار جدل وإعجاب، وعلامة بارزة في حرية الانتماء وحرية التعبير. فرغم ما تشهده هذه الظاهرة الاتحادية من معارك وصدامات وانقسامات، إلا أنني أراها، ويرى كثيرون غيري، ظاهرة صحية تعود بالنفع على الكيان. فالاتحاد، كما هو معروف، نادٍ مفتوح للجميع، يميّزه مناخ ديمقراطي لا تجده في غيره من الأندية السعودية، وهو ما أكسبه شعبيته الجارفة.
* كنت شاهدًا ومشاركًا في هذه الأجواء الانتخابية «المفتوحة» إعلاميًا، حين كان نادي الاتحاد، قبل قرابة عشرين عامًا، هو أول نادٍ يُسلّط الضوء على انتخاباته، في وقت كانت معظم الأندية تدار عبر مجلس أعضاء الشرف وتنتهي جمعياتها العمومية بما يُعرف بنظام «التزكية». ووجدت تلك الانتخابات دعمًا كبيرًا من الإعلام والبرامج الرياضية، خصوصًا القناة الرياضية السعودية التي نقلت مناظراتها على الهواء مباشرة، رغم ما واجهته من انشقاقات وتكتلات سعى أصحابها لتفتيت وحدة النادي.
* لكن كل ذلك تغيّر في عهد جديد أطلقه عرّاب الرؤية، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، وبتنفيذ من معالي المستشار تركي آل الشيخ، الذي تولى رئاسة هيئة الرياضة، فوضع حدًا للتجاوزات والعبث.
* في تلك المرحلة، كان نادي الاتحاد يمرّ بحالة غير طبيعية، وكاد أن يهبط في فترة نواف المقيرن، مما استدعى تدخل «أبو ناصر» وتكليف المهندس لؤي ناظر، الذي حقق «معجزة الإنقاذ»، قبل أن يترجل بصمت، تاركًا المهمة لأنمار الحائلي، الذي عاد لرئاسة النادي بالتزكية بعد صدور عفو عنه.
* رغم بقائه لأربعة أعوام، لم يحقق الاتحاد في عهده سوى بطولتين، الفضل فيهما يعود للمدرب نونو سانتو، بينما فشلت الإدارة فشلًا ذريعًا في إدارة ملفات الفريق.
* حتى بعد تملك صندوق الاستثمار للنادي، استمرت الإخفاقات، وتحت ضغط جماهيري كبير، رفع أنمار الراية البيضاء، وعاد المهندس لؤي ناظر لفترة قصيرة، قدم فيها استقالته بعد خلاف مع ملاك النادي، ليخلفه المهندس لؤي مشعبي، الذي نجح إداريًا وأعاد الاتحاد إلى منصات التتويج، محققًا بطولتي الدوري والكأس.
* هذه النبذة التاريخية كانت ضرورية لقراءة المشهد الانتخابي الحالي، الذي عاد فيه المنشقون إلى الواجهة، أولئك الذين هاجموا أنمار الحائلي سابقًا، ثم دافعوا عنه لاحقًا، فقط لأنهم أرادوا الوقوف في وجه المهندس فهد سندي، الذي مثّل تهديدًا مباشرًا لمصالحهم الشخصية.
* الخطير أن فكرهم المتخلف والعنصري ما زال قائمًا، إذ يرفضون أن تتولى «عائلات جدة» إدارة النادي، كما كانوا يرددون منذ زمن، لكن النهاية كانت دومًا في غير صالحهم، بعد أن لفظتهم الجماهير الاتحادية، وأعلنت موقفها الواضح، وتوّجت «أبو فراس» فهد سندي بالتزكية، في مشهد نصر كاسح، وهزيمة نكراء لذلك «المنشق» ومن يدعمه، بعد انسحاب «أبو فيصل» من السباق الانتخابي.
* وأخيرًا… من «أبو فارس» إلى «أبو فارس»، ألف مبروك الفوز التاريخي برئاسة هذا الكيان الكبير. أمنياتي لك بالنجاح في مهمتك الصعبة، وقد أثبت أنك أهل لها بعد الخبرة المكتسبة من الموسم الماضي إلى جانب رفيق النجاح المهندس لؤي مشعبي.
أخبار ذات صلة