قوبل استهداف الجيش الإسرائيلي مجمع ناصر الطبي في خان يونس، الذي أسفر عن استشهاد ما لا يقل عن 20 فلسطينيا، منهم 4 من العاملين في القطاع الطبي و5 صحفيين، بإدانات عربية ودولية واسعة، وسط دعوات للتحقيق الفوري ومحاسبة إسرائيل على ما وُصف بـ”جريمة حرب”.
وأدانت وزارة الخارجية القطرية في بيان القصف الإسرائيلي واعتبرته “حلقة جديدة في سلسلة الجرائم الشنيعة التي يرتكبها الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني الشقيق، وانتهاكا سافرا للقانون الدولي”، مطالبة بتحرك دولي عاجل لتوفير الحماية للمدنيين.
وأكدت وزارة الخارجية السعودية في بيان رفضها “الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة للقوانين والأعراف الدولية”، داعية المجتمع الدولي إلى وقف الجرائم وتوفير الحماية للعاملين في المجالات الطبية والإغاثية والإعلامية.
كذلك شددت الكويت، في بيان للخارجية، على أن الاستهداف يمثل “انتهاكا صارخا للقانون الدولي”، محذرة من استمرار “الاحتلال الإسرائيلي في ارتكاب تلك الجرائم الممنهجة ضد الشعب الفلسطيني الأعزل دون رادع أو محاسبة”.
أما مصر، فوصفت وزارة خارجيتها -في بيان- الهجوم بأنه “انتهاك سافر للقانون الدولي الإنساني”، كما أعربت عن “استنكارها الشديد تعمد الاحتلال الإسرائيلي استهداف الصحفيين والعاملين في المجال الطبي والإنساني”.
وعبرت القاهرة عن رفضها لما يقوم به الاحتلال من جرائم إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني. وطالبت مجلس الأمن والمجتمع الدولي بالتدخل بصورة فاعلة لوقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
مواقف عربية أخرى
وأدان أمين مجلس التعاون الخليجي جاسم البديوي الاستهداف الإسرائيلي للطواقم الطبية والإغاثية والإعلامية داخل مجمع ناصر، مؤكدا أن “هذا الفعل الإجرامي يمثل انتهاكا صارخا لكافة القوانين الدولية والإنسانية، وتحديا سافرا لقرارات الشرعية الدولية”.
وجدد البديوي مطالبته المجتمع الدولي بالتحرك الفوري والحازم لوقف هذه الاعتداءات المتكررة، ومحاسبة مرتكبيها، وتوفير الحماية الدولية العاجلة للطواقم الإنسانية والإغاثية والإعلامية في غزة.
من جانبه، وصف الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط ما حدث بأنه “مجزرة وجريمة مكتملة الأركان” بعد سقوط أكثر من 20 شهيدا، منهم صحفيون.
وأكد أبو الغيط أن ما يحدث في غزة “يرقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية”، داعيا المجتمع الدولي إلى تحميل إسرائيل المسؤولية وعدم السماح لها بالاستمرار في خرق القانون الدولي من دون عقاب.
موقف حماس
بدورها، اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أن استهداف مجمع ناصر يؤكد “إمعان إسرائيل في حرب الإبادة الجماعية التي ترتكبها منذ نحو 23 شهرا”، بقصف الصحفيين والطواقم الطبية والدفاع المدني وارتكاب مجازر مروعة بحقهم.
وأوضحت أن صحفيين وكوادر طبية والدفاع المدني كانوا ضمن الضحايا، معتبرة ذلك “إمعانا في حرب الإبادة الممنهجة ضد الشعب الفلسطيني”.
وطالبت الحركة المجتمع الدولي والأمم المتحدة والأطراف المعنية “بالتحرك الفوري والجاد لوقف جريمة العصر، وإنقاذ الفلسطينيين وإغاثتهم عاجلا”.
مواقف دولية وأممية
من جهتها، أعربت كندا اليوم الثلاثاء، عن فزعها إزاء استهداف مجمع ناصر الطبي وسقوط مدنيين، منهم صحفيون وعاملو إغاثة، مؤكدة ضرورة التزام إسرائيل بحماية المدنيين والطواقم الطبية والإعلامية، ومجددة دعوتها إلى وقف دائم لإطلاق النار والسماح العاجل بإيصال المساعدات الإنسانية.
كما اعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون القصف “غير مقبول”، داعيا إسرائيل لاحترام القانون الدولي، ومشددا على أن “تجويع شعب بأكمله جريمة يجب أن تتوقف فورا”.
وفي الموقف ذاته، أعرب وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي عن شعوره بـ”الفزع”، مطالبا بوقف إطلاق النار وحماية المدنيين والصحفيين.
أما ألمانيا، فأكدت أنها “مصدومة” من مقتل صحفيين ومسعفين، ودعت إلى تحقيق فوري وإتاحة دخول الإعلام الأجنبي المستقل إلى غزة.
في السياق ذاته، قالت مفوضية الاتحاد الأوروبي اليوم الثلاثاء، إن الهجوم الإسرائيلي على مستشفى ناصر “غير مقبول على الإطلاق”.
وقال المتحدث باسم المفوضية أنور العنوني في مؤتمر صحفي “يجب حماية المدنيين والصحفيين بموجب القانون الدولي”.
كما نددت نائبتان في الكونغرس الأميركي، اليوم الثلاثاء، بالقصف الإسرائيلي الذي استهدف مستشفى ناصر.
وقالت النائبة نيديا فيلاسكيز، في منشور على منصة “إكس” إن الهجوم الإسرائيلي على مستشفى ناصر كان “متعمدا ومروعا”، مضيفة أن “المستشفى لا ينبغي أن يكون ساحة معركة أبدا”.
وانتقدت فيلاسكيز استمرار تمويل الولايات المتحدة للحرب الإسرائيلية على غزة، معتبرة أن “واشنطن لا يمكن أن تواصل تمويل جرائم الحرب هذه”.
من جانبها، قالت النائبة رشيدة طليب في منشور على نفس المنصة، إن “كل سياسي أميركي يدعم تسليح نظام الإبادة الجماعية هذا (إسرائيل) يتحمل مسؤولية هذه المجازر”.
على الصعيد الأممي، استنكر الأمين العام أنطونيو غوتيريش بشدة المجزرة، داعيا إلى تحقيق “فوري ونزيه”، في حين قالت المتحدثة باسم مفوضية حقوق الإنسان إن قتل الصحفيين “يجب أن يشكل صدمة للعالم ويدفع إلى المحاسبة”.
إسكات صوت الحقيقة
وفي السياق ذاته، أكد مدير منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، أن الهجمات على مؤسسات الرعاية الصحية تفاقم معاناة سكان غزة الذين “يتضورون جوعا”، مطالبا بوقفها فورا.
في المقابل، وصف المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، فيليب لازاريني، القصف بأنه محاولة “لإسكات الأصوات الأخيرة التي توثّق موت الأطفال بصمت وسط المجاعة”، منتقدا “التقاعس الدولي الصادم”.
وأكدت الأمم المتحدة اليوم الثلاثاء، ضرورة الوصول إلى “نتائج” في التحقيق الذي أعلنت إسرائيل فتحه الاثنين إثر مقتل 20 شخصا، منهم 5 صحفيين في قصف لقواتها على مستشفى ناصر في قطاع غزة.
وقال المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية ثمين الخيطان للصحفيين في جنيف “سبق للسلطات الإسرائيلية أن أعلنت تحقيقات في أعمال قتل مشابهة.. لكن على هذه التحقيقات أن تخلص إلى نتائج”. وشدد على الحاجة إلى “إحقاق العدالة. لم نر نتائج أو إجراءات محاسبة بعد”.
وتأتي هذه المجزرة بعد أيام من اغتيال الاحتلال صحفيي الجزيرة أنس الشريف ومحمد قريقع، لتضاف إلى حصيلة متصاعدة من الجرائم الإسرائيلية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، والتي خلّفت، حتى الآن، أكثر من 62 ألف شهيد و158 ألف جريح، معظمهم نساء وأطفال، إضافة إلى آلاف المفقودين ومجاعة أودت بحياة المئات.
وبحسب وزارة الصحة في غزة، ارتفعت حصيلة الشهداء الصحفيين منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إلى 246 صحفيا.