صوّت البرلمان الفرنسي، اليوم (الإثنين)، بإسقاط حكومة رئيس الوزراء فرانسوا بايرو بأغلبية ساحقة بلغت 364 صوتا ضد 194، بسبب رفض النواب خططه لكبح جماح الدين العام المتضخم، ما فاقم الأزمة السياسية في فرنسا وألقى بالعبء على الرئيس إيمانويل ماكرون لاختيار خامس رئيس وزراء في أقل من عامين.

مخاوف من شلل اقتصادي

وأكد قصر الإليزيه أن ماكرون سيعين رئيسا للوزراء جديدا في الأيام القادمة، وسط مخاوف من تعميق الشلل الاقتصادي والسياسي في الدولة الأوروبية الثانية اقتصاديا، إذ سيقدم بايرو استقالته رسميا إلى ماكرون صباح غد (الثلاثاء)، وسيستمر في منصبه كحارس مؤقت حتى تعيين الخليفة.

وكان بايرو، الذي تولى المنصب في ديسمبر 2024 بعد سقوط حكومة ميشيل بارنييه بعد ثلاثة أشهر فقط، قد دافع عن خطة توفير 44 مليار يورو في ميزانية 2026، تشمل إلغاء عطلتين عامتين وتجميد الإنفاق الحكومي، لمواجهة عجز يبلغ 5.8% من الناتج المحلي الإجمالي ودين عام يصل إلى 114% من الناتج.

هزيمة متوقعة

وأطلق بايرو التصويت بالثقة بنفسه كمخاطرة لفرض الإصلاحات، لكن المعارضة من اليسار المتطرف (مثل تحالف الجبهة الشعبية الجديدة) واليمين المتطرف (التجمع الوطني لمارين لوبان) والسوشياليست والخضر أدت إلى هزيمته المتوقعة.

وقال بايرو في خطابه الأخير قبل التصويت: «لديكم القدرة على إسقاط الحكومة، لكنكم لا تستطيعون محو الواقع»، مشيرا إلى أن الدين «يهدد الحياة» لفرنسا.

الإليزيه يبحث عن رئيس حكومة جديد

ووفقا لبيان قصر الإليزيه، سيختار ماكرون الجديد «في غضون أيام»، مع ترشيحات محتملة تشمل وزير الدفاع سيباستيان ليكورنو ووزير العدل جيرالد دارمانين، أو ربما شخصية من اليسار المعتدل لكسب دعم إضافي، أما المعارضة، فقد دعت لوبان إلى حل البرلمان وانتخابات جديدة، بينما طالب جان لوك ميلانشون، زعيم اليسار الراديكالي، باستقالة ماكرون نفسه قبل انتهاء ولايته في 2027.

ومع اقتراب احتجاجات «حظر كل شيء» في 10 سبتمبر ضد الإصلاحات، يُتوقع تصعيد التوترات الاجتماعية، وسط ارتفاع تكاليف الاقتراض الفرنسية ومخاوف من أزمة مالية تشبه اليونانية، وأثار الحدث ردود فعل دولية، إذ حذرت ألمانيا وهولندا من تأثير الشلل الفرنسي على الاتحاد الأوروبي، بينما أعرب الاقتصاديون عن قلقهم من تأخير ميزانية 2026، ما قد يؤدي إلى تمديد ميزانية 2025 مؤقتا.

جذور الأزمة السياسية في فرنسا

تعود جذور الأزمة السياسية في فرنسا إلى قرار الرئيس إيمانويل ماكرون الدرامي بإجراء انتخابات برلمانية مبكرة في يونيو 2024، بعد هزيمة حزبه في الانتخابات الأوروبية أمام اليمين المتطرف، وأدى ذلك إلى برلمان معلق، مقسم إلى ثلاثة كتل رئيسية: اليسار (التحالف الشعبي الجديد بـ180 مقعدا)، الوسط (حزب الرئيس بـ170)، واليمين المتطرف (التجمع الوطني بـ138)، دون أي كتلة تحظى بأغلبية مطلقة (289 مقعدا).

هذا الشلل جعل تمرير الميزانيات والإصلاحات صعبا، ما أدى إلى سقوط حكومتين سابقتين؛ إليزابيث بورن في يناير 2024، ثم ميشيل بارنييه في ديسمبر 2024 بعد ثلاثة أشهر، وفرنسوا بايرو في سبتمبر 2025 بعد تسعة أشهر.

أخبار ذات صلة

 

شاركها.
Exit mobile version