في عالم تسيطر فيه التكنولوجيا على مختلف جوانب الحياة، توجد فئات قد تواجه تحديات في الوصول إلى الأدوات الرقمية الحديثة، وعلى رأسها المكفوفون، وهذا ما دفع صانع المحتوى والإعلامي الكفيف محمد الغفلي إلى إنشاء منصة رقمية تستخدم الذكاء الاصطناعي، لتمكين المكفوفين تحت اسم «بلايند أي إي كوميونيتي». لم يسمح الغفلي لفقدان البصر أن يحجب عنه رؤية الفرص، بل جعل من تجربته دافعاً لترك أثر حقيقي في حياة من يشاركونه التحديات نفسها، ويعمل حالياً على المنصة بهدف تمكين المكفوفين من الوصول إلى أدوات الذكاء الاصطناعي والاستفادة منها في العمل والحياة اليومية.

تمكين المكفوفين

وعن تبلور فكرة المنصة، تحدث محمد الغفلي لـ«الإمارات اليوم»، قائلاً: «بسبب دراستي للإعلام، وعملي في هذا المجال وصناعة المحتوى، أردت تقديم منصة رقمية تستفيد من الذكاء الاصطناعي وتهدف إلى تمكين المكفوفين، إذ من الممكن الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في الكتابة أو توليد الصور والفيديو أو حتى الأصوات، وكذلك في العروض التقديمية وغيرها الكثير». وأضاف: «نحن المكفوفين نحتاج إلى مساعدة بشرية في كتابة العروض التقديمية، أو من يساعدنا في إنشاء فيديو أو يصورنا، أو يجري عنا البحوث، لأن مصادر عديدة لا تدعم أصحاب الإعاقة البصرية من حيث التقنية، لهذا منذ قرابة العامين قرّرت البدء بتعلم الذكاء الاصطناعي، وانضممت إلى العديد من البرامج التدريبية الخاصة بالذكاء الاصطناعي، ومنها مبادرة (مليون خبير لأوامر الذكاء الاصطناعي)، وكذلك الدورات الخاصة بتطبيق الذكاء الاصطناعي في العمل الحكومي وصناعة المحتوى».

دورات تدريبية

وأشار الغفلي إلى أنه بعد أن انضم للعديد من الدورات، بدأ بتجريب بعض التطبيقات التي يمكن للمكفوفين الاستفادة منها، ولهذا أطلق منصة رقمية تقدم حلولاً واستشارات للمؤسسات التي تسعى لتطوير خدماتها كي تناسب المكفوفين، كما أنها تتيح للمكفوف التعرف إلى الأدوات التي تفيده في ممارسة حياته اليومية. ولفت إلى أن المنصة تتضمن دورات تدريبية تستفيد من الذكاء الاصطناعي في البحوث والعروض التقديمية، وتقدّم الشرح الكافي عن أدوات الرقمنة المتنوّعة للمكفوفين بشكل سماعي، وتتيح أيضاً الاستفادة من التدريبات في مجال صناعة المحتوى. ومن المواد التي سوف تكون متاحة عبر المنصة، المواد السمعية للطلاب، ومواد خاصة بالبودكاست القائم على استخدام الذكاء الاصطناعي، بهدف توليد واستنساخ الصوت، أو إنتاج المكفوفين للفيديوهات بأنفسهم دون طلب أي مساعدة بشرية.

انطلاقة تجريبية

ولفت الغفلي إلى أن الجهات الحكومية باتت تعمل على نحو كبير على توظيف الذكاء الاصطناعي، ولكن لابد من الأخذ بعين الاعتبار فئة أصحاب الهمم وذوي الإعاقة البصرية ضمن هذه التوظيفات. وأوضح أنه قبل إطلاق المنصة أجرى بحثاً حول المنصات الرقمية المخصصة لمساعدة المكفوفين، فوجد بعض المنصات التي تقدّم حلولاً تكنولوجية معتمدة على برامج مختلفة عن الذكاء الاصطناعي، مؤكداً أن هدفه الرئيس تطوير المحتوى العربي، خصوصاً أن أغلبية المكفوفين يفتقدون إلى المحتوى العربي.

وأوضح الغفلي أن المنصة في طور الانطلاقة التجريبية، ويعمل حالياً على جمع ملاحظات المكفوفين الذين يجربونها، للوصول إلى أفضل تقديم، إذ لاحظ أن كثيراً من أصحاب الإعاقة البصرية سمعوا عن الذكاء الاصطناعي، ولكنهم لا يعرفون شيئاً عن أدواته، لافتاً إلى أنه أنشأ مجموعة للتواصل تجمع مكفوفين من مختلف الدول العربية، وذلك بهدف الاستفادة من الخبرات العربية المتنوّعة، وبهدف استقطاب هذه الخبرات من أجل تقوية المنصة في المجال الرقمي.

احتكار المعلومة

وشدّد الغفلي على أنه يجب ألا يحرم أي إنسان من فرصة التعلم، وعدم احتكار المعلومة في نطاق محدود، لاسيما أن الإمارات تنتهج سياسة التعليم للجميع. وأشار إلى أن التحدي الأكبر لأصحاب الهمم في مجال الذكاء الاصطناعي، يتمثل في تصميم الأدوات الخاصة بالتطبيقات التي تتطلب معايير تقنية معينة ولا تكون متوافقة مع قارئات الشاشة والتعليق الصوتي الموجود على أجهزة المكفوفين، ولهذا فإن هذه التطبيقات أغلبيتها لا تراعي في تصميمها إمكانية وصول كل الفئات إليها.


ورش تدريبية

قدّم الإعلامي وصانع المحتوى محمد الغفلي ورشة تدريبية في جمعية الإمارات للمعاقين بصرياً، للتوعية بكيفية استخدام الذكاء الاصطناعي، مشيراً إلى أن هذه الورشة كانت الأولى من نوعها التي تتوجه للمكفوفين، مؤكداً أنه سيقدّم المزيد من الورش في الخليج وكذلك أونلاين للوصول إلى شريحة أكبر من أصحاب الإعاقة البصرية. ولفت الغفلي إلى أنه سيضع جدولاً لدورات تخصصية أكثر تتيح للمكفوفين الاستفادة منها بشكل عملي.


تفاعل كبير

لاقى إطلاق منصة «بلايند أي إي كوميونيتي» تفاعلاً كبيراً من أصحاب الإعاقة البصرية، وأكد محمد الغفلي أنه من الممكن تطوير أدوات الذكاء الاصطناعي لأصحاب الإعاقة، متمنياً أن يتم الأخذ بعين الاعتبار فئة المكفوفين في الملتقيات والورش التي تُقام في العديد من الجهات، وإتاحة الفرص لهم ليكونوا جزءاً من هذه الورش، وكذلك منحهم المجال للمشاركة في تصميم البرامج ومستقبل الذكاء الاصطناعي.

محمد الغفلي:

. التحدي الأكبر لأصحاب الهمم في مجال الذكاء الاصطناعي يتمثل في تصميم الأدوات الخاصة بالتطبيقات التي تتطلب معايير تقنية معينة.

. مصادر عدة لا تدعم أصحاب الإعاقة البصرية من حيث التقنية، لهذا منذ قرابة العامين قرّرت البدء بتعلم الذكاء الاصطناعي.

شاركها.
Exit mobile version