في تعاون يجمع بين الإبداع والهوية، أطلقت «أرادَ»، بالتعاون مع الشيف الإماراتية مريم المنصوري، مطعم «كشتة أمينة»، وهو مفهوم جديد للمأكولات الإماراتية المتجذرة في تراث الكرم وتقاليد المطبخ المحلي الأصيل، وتجربة طهي مُستلهَمة من دفء الأمومة الإماراتية، تعكسها رؤية معاصرة ولمسة خاصة لشيف إماراتية مرموقة، أثبتت حضورها في مشهد المأكولات الإقليمية والدولية، كونها الإماراتية الأولى التي تنال درجة التحكيم «الأفضل في فن الطهي» من فرنسا، وتضع بصمتها في قيادة مجموعة «مونتوك» للضيافة الحائزة جوائز عدة، فيما يُبرز هذا الإنجاز مدى تفانيها في رفع راية بلادها، والإسهام في الإنجازات المتنامية للمرأة الإماراتية في قطاعات متعددة.

نكهات وقصص

من خلال هذا المشروع الذي يُعدّ تكريماً لوالدة الشيف مريم، ويُقدّم في أجواء تستحضر الذاكرة والدفء العائلي، تبرز تجربة شخصية ورحلة ثقافية عميقة في قلب المطبخ الإماراتي، لا تروي المنصوري قصة نكهات متوارثة فحسب، بل تستعرض فصلاً جديداً من تجربتها الشخصية التي امتزجت فيها الحكاية العائلية بالطموح المهني، لتكشف عن رؤيتها الفريدة لمستقبل الطهي الإماراتي، والمكانة التي تسعى إلى ترسيخها عبر «كشتة أمينة»، إذ قالت لـ«الإمارات اليوم»: «منذ طفولتي كان المطبخ مساحة تُصنع فيها الذكريات، وتُروى فيها الحكايات، إذ لم تكن الوصفات مجرّد مكونات، بل لغة محبة واحتفالاً بالحياة، وهذا ما تعلّمته من والدتي التي كانت تطهو بقلبها لا بميزان المقادير»، وأضافت: «لقد جاء (كشتة أمينة) من الحضن الدافئ ذاته، ومن الرغبة في مشاركة أجمل اللحظات وحتى الروائح التي تعني لي (بيت أمي وأبي)».

مزيج من التراث والحداثة

وأكّدت المنصوري أنه من خلال «كشتة أمينة»، لم يكن هدفها خلق مطبخ فاخر وتجربة طعام متميّزة بقدر ما كان تقديم تجربة تُحاكي روح البيت الإماراتي، ورغم أن المشروع يرتكز على الحفاظ على جوهر الوصفات التراثية الأصيلة، فإنها ترى أن الحداثة لا تتناقض مع التراث، بل تُشكّل امتداداً فريداً له، لذلك حرصت على تقديم أطباقها برؤية بصرية معاصرة، وتفاصيل تعكس تطلعات الجيل الجديد، مع الحفاظ على الروح الأصيلة الحاضرة في كل طبق.

أطباق وهوية

لا تفصل المنصوري بين الطبق والهوية، الحاضرة بقوة في تجربتها وفلسفتها الفريدة في التعامل مع الموروث الذوقي للمطبخ المحلي، حيث أكّدت «أنا لا أُقدّس الشكل، بل الشعور، وفلسفتي في المطبخ الإماراتي لا تعتمد على طرح قائمة وصفات فحسب، بل استحضار ذاكرة جماعية وهوية كاملة تحمل قصص أهل البحر والبر، وطقوس الشتاء والصيف، ونفحات المناسبات، لذا أحاول دائماً التقاط جوهر هذه الحكايات، وسحر النكهات الأصيلة، مثل نكهة الزعفران والهيل في القهوة، و(الدارسين والشكر) في الهريس، ورائحة الحطب في العيش لتقديمها بطريقتي، وجعل كل طبق نسخة معاصرة من عبق الماضي، لكن بروح إماراتية أصيلة».

إنجازات ومسؤولية

وأكّدت الشيف الإماراتية، مريم المنصوري، أن فوزها بالجائزة الذهبية لأفضل فنون الطهي في فرنسا الذي حققته أخيراً، لم يكن مجرد إنجاز شخصي، بل لحظة احتفاء بتراث كامل للنكهات، مؤكدة «كانت لحظة تسلمي للجائزة من قبل سفير فرنسا لدى دولة الإمارات، نيكولا نيمتشينو، مملوءة بالمشاعر، ولم يكن فوزي مجرد تقدير لمهارات طهي فريدة فحسب، بل كان اعترافاً بأن مطبخنا الإماراتي، الذي طالما ظُنّ أنه لا يملك ما يكفي ليُقدَّم للعالم، له صوته وحضوره، وله قدرة على الإبهار»، فيما أكّدت المنصوري أن هذا الإنجاز يُعدّ تكريماً وانتصاراً «لكل امرأة طبخت بشغف ومحبة، وكل أم علّمت أولادها سرّ النكهات»، و«اعترافاً عالمياً بصوت المطبخ الإماراتي، وثراء نكهاته وقدرته على الإدهاش».

في هذا الصدد تدرك المنصوري حجم المسؤولية التي باتت ملقاة على عاتقها بصفتها اليوم أول طاهية إماراتية تنال هذا التكريم، الذي لا تراه عبئاً، بل دافعاً للاستمرار والتأثير، ونموذجاً إماراتياً ناجحاً يُمكن أن يستلهمه الجيل الجديد من الطهاة، قائلة: «أشعر بالمسؤولية والفخر اللذين يدفعانني دوماً نحو الاستمرار»، فيما أشارت المنصوري في السياق ذاته، إلى دورها اليوم طاهيةً محترفةً، في تمهيد الطريق لجيل جديد من الطهاة الإماراتيين الذي وجدته «مفتوحاً أمامهم أكثر من أي وقت مضى»، موجهة لهم رسالة صادقة، أكّدت فيها أن «الطريق ليس سهلاً، لكنّ النجاح فيه قابل للتحقيق بشرط توافر الإصرار والشغف».

ثقة وطموح

وأكّدت الشيف الإماراتية مريم المنصوري أن «كشتة أمينة» ليست النهاية، بل محطة أولى في رحلة الطهي التي تنوي في وقت لاحق توسيع آفاقها، كاشفة في هذا الصدد نيتها إطلاق مفاهيم ضيافة جديدة تحتفي بالموروث المحلي عبر قولها: «لديَّ أفكار تتنوع بين المقاهي والمخابز الصغيرة التي تعكس أسلوب الحياة الإماراتية العصرية، والمطاعم التي تحتفي بموروثات أخرى في المنطقة».

وتابعت المنصوري: «مطبخنا الإماراتي بحاجة إلى جرأة أكبر في تقديم نفسه، واعتزاز به من الداخل قبل الخارج، لذا لا يجب علينا الانتظار بأن يُعترف بنا من العالم أولًا، بل يجب أن نكون نحن أول من يرى جمال مطبخنا».


إضافة نوعية

أكّد الرئيس التنفيذي للعمليات في «أرادَ»، أميت أرورا، أن مطعم «كشتة أمينة» يُمثّل إضافة نوعية قيّمة إلى الجادة ومشهد الطهي المتنامي في الشارقة، وكونه يُعدّ مفهوماً محلياً تقوده واحدة من أكثر الطاهيات شهرة واقتداراً في دولة الإمارات، فإنه يعكس رؤيتنا لدعم قطاع ريادة الأعمال وتعزيز الثقافة الإماراتية في سياقها العصري، فهو أكثر من مجرد مطعم، إذ يُعدّ مساحة تحتفل برواية القصص وتراث المجتمع من خلال الأطباق.

مريم المنصوري:

. منذ طفولتي كان المطبخ مساحة تُصنع فيها الذكريات، وتُروى فيها الحكايات، إذ لم تكن الوصفات مجرّد مكونات، بل لغة محبة واحتفالاً بالحياة.

. لديَّ أفكار تتنوع بين المقاهي والمخابز الصغيرة التي تعكس أسلوب الحياة الإماراتية العصرية، والمطاعم التي تحتفي بموروثات أخرى في المنطقة.

شاركها.