رسخ القطاع البحري في دولة الإمارات مكانته العالمية الرائدة من خلال مبادرات ومشروعات نوعية تضع الاستدامة في صميم سياساته التنموية، ما يعزز إسهامه في بناء اقتصاد وطني مستدام قائم على الابتكار وحماية الموارد البيئية.
ووفقاً لوزارة الطاقة والبنية التحتية، تُشغّل الدولة حالياً 106 موانئ في 78 دولة، وتتجاوز مناولتها السنوية 21 مليون حاوية، مع إسهام تجاوز 135 مليار درهم في الناتج المحلي، ما يعكس الأهمية المتزايدة لهذا القطاع اقتصادياً.
ويطبق القطاع البحري في دولة الإمارات سياسات متكاملة لإدارة النفايات البحرية وتدوير السفن. وفي هذا السياق، أطلقت وزارة الطاقة والبنية التحتية أخيراً، ضمن الحزمة الثالثة من المشروعات التحولية، مشروع «الواحة الخضراء للجلافة» الذي يُعدّ أول مبادرة من نوعها في المنطقة تُشرّع عمليات تدوير السفن خارج الشواطئ بطريقة آمنة وصديقة للبيئة، كما أصدرت الوزارة لائحة تنظيمية شاملة تُعنى بالتقطيع الآمن للسفن، بما يضمن حماية البيئة وسلامة العاملين، ما يجعل الإمارات من الدول القليلة التي تطبّق مثل هذه التشريعات المتقدمة.
وتعزيزاً لبناء القدرات الوطنية في القطاع البحري، أنشأت الدولة أكاديميات بحرية متقدمة، مثل أكاديمية أبوظبي وأكاديمية الشارقة، لتدريب وتأهيل الكوادر الوطنية وفق معايير المنظمة البحرية الدولية، وأسهمت هذه الجهود في رفع كفاءة الموارد البشرية، وضمان جاهزية الكفاءات الإماراتية لقيادة القطاع.
وقالت مستشار وزير الطاقة والبنية التحتية لقطاع النقل البحري، حصة آل مالك، في تصريحات لوكالة أنباء الإمارات (وام)، إن «الإمارات تعتمد تقنيات متطورة في تصميم وتشغيل السفن، من نماذج الشحن الذكية إلى أنظمة الملاحة الآلية، مدعومة ببرامج بحث وتطوير في الجامعات والمراكز المتخصصة، ما يعكس التزام الدولة بترسيخ الابتكار في صميم نهضتها البحرية».
وأضافت أن «الدولة قطعت أشواطاً كبيرة في مجال الاستدامة البيئية، بدءاً من إطلاق استراتيجية الإمارات للطاقة 2050، والاستراتيجية الوطنية للهيدروجين 2050، وصولاً إلى تطوير بنية تحتية خضراء لتزويد السفن بوقود منخفض الكبريت والغاز الطبيعي، كما استثمرت الموانئ في مشروعات خفض الانبعاثات، واستضافت فعاليات دولية رفيعة مثل مؤتمر COP28، ما يعكس التزاماً راسخاً تجاه المناخ والبيئة البحرية».
وفي مجال التحول الرقمي، أشارت آل مالك، إلى إطلاق دولة الإمارات سلسلة من المشروعات التقنية، من بينها «Blue Pass» كمنصة رقمية موحدة لربط مشغلي السفن والموانئ والمزودين. كما شهدت الموانئ نقلة نوعية بفضل أتمتة خدمات الشحن والتفريغ، وربط الأنظمة الرقمية بمختلف وسائل النقل، ما ساعد على تسريع العمليات وتقليل الانبعاثات.
وأكدت أن هذه الإنجازات تُجسّد مكانة دولة الإمارات المتميزة في المنظمة البحرية الدولية، حيث صادقت على 35 صكاً دولياً، وأسهمت في تطوير معايير السفن ذاتية القيادة ومكافحة التسجيل الاحتيالي، كما تخرّج في أكاديمياتها 497 ضابطاً ومهندساً، من بينهم 100 امرأة، ما يعكس التزام الدولة بالمساواة، حيث اقترحت الدولة جائزة المساواة على مجلس المنظمة وتم اعتمادها والموافقة عليها، فيما ترأست رابطة المرأة العربية البحرية.
وأوضحت أن هذه المنظومة المتكاملة من المشروعات والإنجازات تعكس التزام دولة الإمارات برؤية بحرية طموحة ومستدامة، تدعم التحول نحو اقتصاد أخضر وموانئ ذكية، وتُرسّخ مكانتها كمنصة بحرية عالمية في قلب التجارة الدولية.
ونوّهت باستضافة دولة الإمارات في سبتمبر 2025 الحدث الموازي لليوم البحري العالمي تحت شعار «محيطنا، مسؤوليتنا، فرصتنا»، إذ تم إطلاق مبادرات نوعية لدعم إزالة الكربون من الشحن البحري، وتعزيز الابتكار والتقنيات المستدامة.