قال مستأجرو وحدات سكنية في الشارقة إن ممثلي شركات لإدارة العقارات يطلبون منهم الموافقة على تدوين قيم إيجارية في العقود الإيجارية السنوية، تفوق الإيجار السنوي المتفق عليه، والمسدد عبر شيكات مؤجلة، ووصفها بأنها «عروض تخفيضية».

وأوضحوا لـ«الإمارات اليوم» أن ممثلي تلك الشركات أخبروهم بأن القيمة الإيجارية المدونة في العقد لن يتم تحصيلها، لافتين إلى أن ذلك يمنح الشركة في العام التالي الحق في زيادة القيمة الإيجارية، وفقاً للمدون في العقد، في تجاوز للفترة المحددة بعدم زيادة الإيجارات، البالغة ثلاثة أعوام، واعتبروا ذلك شروطاً مجحفة لمصلحة شركات إدارة العقارات، إلا أن المستأجر يضطر إلى الموافقة مقابل الحصول على مزايا وقتية مثل السعر المناسب، بصرف النظر عن احتمالية تغير القيمة الإيجارية لاحقاً.

من جانبهم، وصف عقاريون التقتهم «الإمارات اليوم» تلك الممارسات بأنها سلبية وفردية ومرفوضة، فضلاً عن أنها لا تعبّر عن توجهات معظم شركات إدارة العقارات.

وأرجعوا تلك الممارسات إلى أسباب يتعلق بعضها بزيادة قيمة البناية السكنية عند بيعها، من خلال «رفع مفتعل» لعائداتها الإيجارية، فضلاً عن تجنب فترة الحماية الإيجارية المحددة بثلاث سنوات (مظلة الحماية الإيجارية)، وإمكانية رفع القيمة الإيجارية في الأعوام التالية وفقاً للمدون بالعقود، ولفتوا كذلك إلى أن بعض المكاتب يحاول الاستفادة من زيادة الطلب الحالي في قطاع التأجير السكني، لفرض شروطه، ما يتطلب رفع الوعي لدى المستأجرين عبر رفضها.

وتفصيلاً، قال المستأجر محمد عبدالله: «عند البحث عن وحدة سكنية للانتقال إليها، وجدت شقة بسعر مناسب وفقاً لميزانيتي، إلا أن الوسيط العقاري أفادني بأن القيمة الإيجارية السنوية ستدون في العقد، أعلى بنحو 5000 درهم عن القيمة المتفق عليها فعلاً».

وأضاف: «اضطررت إلى القبول، نظراً لمواصفات الوحدة السكنية التي أبحث عنها، وعرضها بسعر تأجيري مناسب للعام الجاري»، مشيراً إلى أن الوسيط العقاري أخبره بأن القيمة الإيجارية في العقد السنوي الموقع لن ترفع في العام التالي، إلا إذا ارتفعت أسعار السوق الإيجارية.

من جانبه، قال المستأجر يوسف علي: «أفادني مكتب عقاري بأنه سيتم تدوين قيمة إيجارية في العقد الإيجاري للوحدة السكنية أعلى من المتفق عليه شفهياً، مبرراً ذلك بأنه سيتم تدوين العقد على أنه يخضع لتخفيضات سعرية خلال العام الأول، وأن من الممكن رفع القيمة الإيجارية تدريجياً لتصل إلى القيمة المدونة في العقد خلال العامين التاليين»، مستدركاً أن المكتب العقاري وعد بألا تتم زيادة القيمة الإيجارية، وفقاً للمدون في العقد، دفعة واحدة، ما جعله يقبل بتوقيع العقد، خصوصاً في ظل ارتفاع الطلب في السوق العقارية.

ورأى علي أن تلك الممارسات تزيد من الأعباء المالية للمستأجرين، وتهدف إلى زيادة أرباح شركات إدارة العقارات بمعدلات مبالغ فيها، خصوصاً أن الأسعار مرتفعة بالفعل في الوقت الراهن.

في السياق نفسه، قال المستأجر أحمد عبدالرحمن إن «العديد من المكاتب العقارية يفرض شروطاً مختلفة في العقود الإيجارية، في وقت يكون فيه المستأجر مضطراً لقبولها، ومنها زيادة القيمة الإيجارية المدونة في العقود، مقارنة بالقيمة الحقيقية المتفق عليها، والتي يدفعها المستأجر بنظام الشيكات».

وأوضح أن المستأجر يضطر إلى قبول ذلك، سواء عند تجديده للعقد السنوي، أو عند استئجار وحددة سكنية للمرة الأولى، مبيناً أنه وجد شقة سكنية للإيجار بقيمة 30 ألف درهم سنوياً، لكن الوسيط العقاري طلب التوقيع على عقد مدون فيه أن القيمة هي 34 ألف درهم، ما جعله يتحمل مخاطر ارتفاع القيمة الإيجارية لاحقاً، إضافة إلى سداد عمولة أعلى لتصديق العقود في دائرة البلدية، وفقاً للقيمة المدونة في العقد، لا وفقاً لما اتفق عليه ودفعه بنظام الشيكات.

أما المستأجر يوسف علي فاعتبر أن ارتفاع الطلب في السوق العقارية جعل العديد من شركات إدارة العقارات يفرض شروطاً مجحفة لمصلحته، على الرغم من وجود ارتفاع في الإيجارات أساساً، بهدف زيادة الربحية بمعدلات أكبر. وقال إن ذلك يدفع المستأجر لقبول تلك الشروط في العديد من الأوقات، مقابل الحصول على مزايا وقتية، مثل السعر المناسب، بصرف النظر عن احتمالية تغير القيمة الإيجارية لاحقاً.

بدوره، قال مدير «شركة الإمبراطور للعقارات»، الدكتور شهريار العطار، لـ«الإمارات اليوم»: «هناك بعض الممارسات الفردية السلبية لمكاتب عقارية، التي تتم عبر تدوين أسعار مرتفعة في العقود الإيجارية تتجاوز القيمة الحقيقية المتفق عليها مع المستأجرين، وهو ما يأتي في ظل تزايد الطلب في الأسواق، والذي يدفع تلك المكاتب إلى تلك الممارسات في وقت يضطر فيه بعض المستأجرين للقبول بها».

وأضاف: «تستهدف تلك الممارسات بعض الأمور، ومنها ما يمكن تسميته بـ(رفع مفتعل) للقيمة المالية للبنايات، عبر زيادة غير حقيقية لعائداتها من خلال القيم الإيجارية المدونة في العقود، والتي تكون مخالفة للعائدات الحقيقية، إضافة إلى أن بعض المكاتب يلجأ إلى تلك الممارسات في إطار الحصول على إمكانية رفع القيم الإيجارية في الأعوام التالية، فيدون السعر الحالي في العقد على هيئة تخفيض مقدم من المكاتب، وبالتالي يحق لتلك المكاتب العقارية رفع الإيجارات للقيمة المحددة في العقد، أو ما يقل عنها، وفقاً لمؤشرات السوق».

وتابع العطار: «يحاول بعض المكاتب أيضاً الاستفادة من الارتفاع الكبير للطلب من قبل المستأجرين، للحصول على معدلات ربحية أكبر عبر تلك الممارسات الفردية المرفوضة التي لا تعبر عن توجهات معظم الشركات».

من جهته، اعتبر الوسيط العقاري، مجدي عبدالعزيز، أن «ممارسات تدوين أسعار غير حقيقية في العقود الإيجارية، بجعل ما يدفع على هيئة عروض تخفيضية، تنعكس سلباً على سمعة المكاتب التي تلجأ إلى ذلك، وتكون مضرة على المدى الطويل للمكاتب أو الوسطاء الذين يتبعون تلك الممارسات».

وطالب عبدالعزيز المستأجرين «بضرورة رفض تلك العقود، والبحث عن بدائل أفضل، خصوصاً في ظل توافر العديد من الشركات العقارية في السوق».

في السياق نفسه، قال المدير التنفيذي في «شركة السوم العقارية»، سفيان السلامات: «الممارسات التي ذُكرت يلجأ إليها البعض في القطاع الإيجاري السكني، وكذلك في قطاع المستودعات التجارية والصناعية».

وأضاف: «المكاتب التي تمارس ذلك في العقود، تلجأ إلى وسيلة الشروط المدونة في العقود، عبر تدوين أن السعر المسدد هو عرض تخفيضي بدلاً من القيمة المدونة في العقود، وهو ما يجعل العقود قانونية شكلاً، لكنها تتنافى مع مظلة الحماية القانونية التي يتيحها القطاع العقاري، إضافة إلى أن فكرة التخفيض السعري بالعقود تتنافى مع طبيعة الطلب في الأسواق حالياً، وبالتالي يعد الأمر غير منطقي».

ورأى أن تلك ممارسات فردية لشركات تحاول الاستفادة من زيادة الطلب، بفرض تلك العقود على مستأجرين قد يضطرون بدورهم للقبول بها بدلاً من الانتقال إلى وحدات سكنية أخرى وتحمل خسائر إضافية، لافتاً إلى أن «بعض الشركات يلجأ إلى تلك الممارسات للحصول على حقوق الزيادات الإيجارية السعرية بعيداً عن قانون الإيجارات، أو بهدف الرفع المفتعل لقيمة عائدات البنايات تمهيداً لبيعها».

وطالب السلامات بضرورة رفض المستأجرين لتلك الممارسات، والاستفادة من «مظلة الحماية الإيجارية» التي تتيحها القوانين في الأسواق المحلية.

سفيان السلامات:

. المستأجرون مطالبون برفض تلك الممارسات، والاستفادة من «مظلة الحماية الإيجارية» التي تتيحها القوانين في الأسواق المحلية.

شاركها.