مشاعر متباينة مع بداية العام الدراسي الجديد؛ هناك المُتحمِّس والمُتهيِّب، والمُنجِّز والمُعلِّق، وهي طبيعة النفوس البشرية التي اعتادت على العجلة والتعجل، فالإنسان بطبعه يميل إلى السعي السريع وراء اللذة والراحة، وينفر من كل ما يتطلب صبراً ومثابرة، وحين ندرِّب أرواحنا على التأني، ونجعلها مطواعة لنا لا ضدنا؛ تصبح العودة إلى الدراسة فرصة للتأمل والتجديد، لا عبئاً نتهرب منه.
المدرسة أوسع من أن تكون مكاناً محدداً أو زمناً مقيداً؛ بل استعداد داخلي وقرار نابع من إرادة صادقة نتعلم حين نقرر أن نتعلم أو نستحضر الهدف والمعنى، لا حين يفرض علينا جدولٌ أو جرسٌ أو كتاب.
إذن؛ فالعودة الحقيقية ليست إلى الصفوف فقط، بل عودة إلى مدارس الفكر، حيث نراجع أنفسنا، ونعيد ضبط نوايانا، ونستحضر قيمة العلم كطريق يقرّبنا من الطمأنينة الدنيوية والرفعة الأخروية.
ولكي تكون العودة أيسر وأعمق؛ علينا أن نبدأ بخطوات صغيرة: هدف يومي واضح، مراجعة قصيرة لكن مستمرة، وعادة بسيطة نحافظ عليها، فالقليل الدائم خيرٌ من الكثير المنقطع، ومع الأيام نصنع اتساقاً داخلياً يجعلنا نحب ما نتعلم ونرتبط به، ولا يكتمل هذا الطريق إلا حين نربط العلم بالرسالة: لماذا نتعلم؟ ولمن نسعى؟ وما الأثر الذي نرجوه؟ حينها يصبح السعي للمعرفة عبادة، والنجاح في الدراسة جسر إلى خدمة أنفسنا ومجتمعنا.
فلنستقبل العام الدراسي بعقل منفتح، وروح مطمئنة، وعزيمة صادقة، ولنجعل من كل يوم عودة واعية إلى مقاعد الفكر، ليسهل الله لنا طريقاً إلى جنة دنيوية مليئة بالطمأنينة، ويكتب لنا الفردوس الأعلى في الآخرة.
أخبار ذات صلة