تشير التقارير إلى أن المكسيك على وشك توقيع اتفاقية أمنية جديدة مع الولايات المتحدة. ويأتي هذا في أعقاب توقف شبه تام لعمليات عبور الحدود غير الشرعية، وإعفاء مؤقت من الرسوم الجمركية المرتفعة. ووفقاً للرئيسة المكسيكية كلوديا شينباوم، ستتناول الاتفاقية تبادل المعلومات الاستخباراتية، وتهريب عقار «الفنتانيل» من المكسيك، وتدفق الأسلحة المهربة من الولايات المتحدة.

ويُبرز تعليق الرسوم الجمركية والاتفاقية الأمنية، التقدم الملموس – وإن كان تدريجياً- الذي أحرزته المكسيك في مكافحة الجريمة المنظمة والعنف. وهذه الجهود لا تُرضي أكبر شريك تجاري للبلاد فحسب، بل تستجيب أيضاً لمطالب المواطنين، ويريد المكسيكيون تقدّماً اقتصادياً يعززه الأمن وسيادة القانون.

وفي الشهر الماضي، أعلنت المكسيك استراتيجية جديدة لمكافحة الابتزاز الذي كلف الاقتصاد ما يُقدّر بـ1.3 مليار دولار سنوياً في عام 2023. وتتضمن الخطة خطاً ساخناً للإبلاغ، وتحقيقات أفضل في التدفقات النقدية المشبوهة. وفي يونيو أشارت الرئيسة المكسيكية إلى انخفاض بنسبة 25.8% في «جرائم القتل العمد» منذ توليها منصبها، مستخدمة سبتمبر 2024، كخط أساس.

ووفقاً لأحد مراكز الأبحاث، تُرتكب 75% من جرائم القتل في 7% فقط من بلديات المكسيك. وقال محلل الأمن، ديفيد مورا، على قناة «فرانس 24» التلفزيونية، إن «استراتيجية تحديد بؤر العنف الساخنة من أجل استهداف العصابات تُساعد في الحد من هذه الجرائم. واستشهد بولاية (غواناخواتو)، حيث انخفضت جرائم القتل بمقدار النصف، كمثال نموذجي». ومع ذلك لا تشمل إحصاءات جرائم القتل الأعداد الكبيرة من المفقودين أو «المختفين» في المكسيك، والمقدرة بأكثر من 121 ألف شخص.

ويسعى وزير الأمن عمر غارسيا الذي أشرف على انخفاض حاد في معدل جرائم القتل في العاصمة عندما كانت شينباوم، عمدة (2018-2023)، إلى بناء قوة أمن اتحادية أكثر فاعلية وخاضعة لسيطرة المدنيين.

وفي وقت سابق من هذا العام، أطلق غارسيا وحدة جديدة تُركز على تعزيز شبكات الاستخبارات والحضور على مستوى الولايات. وفي فبراير، سلّم فريقه 29 مجرماً مشتبهاً في انتمائهم لعصابات المخدرات إلى الولايات المتحدة.

وأعلنت الولايات المتحدة، الأسبوع الماضي، أنها لن تسعى إلى إنزال عقوبة الإعدام بهم، وهو تنازل من شأنه أن يعزز مكانة شينباوم في المكسيك، حيث أُلغيت عقوبة الإعدام عام 2005.

ووفقاً لتقرير صادر عن معهد الاقتصاد والسلام لعام 2025، سجل مؤشر السلام في المكسيك «العام الخامس على التوالي من التحسن المتواضع».

وتحسّنت النتائج في 18 ولاية وتدهورت في 14 أخرى. ومن العوامل المشتركة بين الولايات التي أظهرت تحسناً، زيادة الحضور الأمني ووضوحه، ونظام قضائي أكثر استجابة. كما ارتبطت الفرص الاقتصادية بانخفاض العنف.

وقد توفر قدرة الرئيسة المكسيكية على موازنة مفاوضات التعرفات الجمركية، مع جهود مكافحة الجريمة الملموسة للمكسيك، وصفة لتحقيق الاستقرار والتقدم لمواطنيها. وخاضت المكسيك، شأنها شأن العديد من دول أميركا اللاتينية، تجربة طويلة في معركتها ضد عصابات الجريمة.

ومع ذلك، وعلى الرغم من العديد من النكسات، لدى المنطقة سبب قوي للاعتقاد بإمكانية نجاحها يوماً ما. فمنذ ثمانينات القرن الماضي، نجحت معظم الدول في التصدي لقوى نافذة أخرى، وفقاً لباحثين كتبا في عدد هذا الشهر من مجلة «الديمقراطية».

وكتب خافيير كوراليس وويل فريمان: «حلّت عصابات المخدرات وزعماؤها محل الجنرالات المتعطشين للسلطة، والعصابات الماركسية، ونخب الأعمال الشرسة، كقوى معادية للديمقراطية». وخلص الباحثان إلى أن «الدرس المستفاد لقادة اليوم، هو أن الإصلاحات المؤسسية قادرة على التعامل مع التهديدات الأمنية بكفاءة». عن «كريستيان ساينس مونيتور»

. يُبرز تعليق الرسوم الجمركية والاتفاقية الأمنية، التقدّم الملموس – وإن كان تدريجياً – الذي أحرزته المكسيك في مكافحة الجريمة المنظمة والعنف.

شاركها.