3/8/2025–|آخر تحديث: 11:46 (توقيت مكة)
قالت “هآرتس” إن مجموعة من السكان في القدس الشرقية أبلغوا أن الجرافات ستهدم العمارة التي تؤويهم قريبا، مما يترك 140 شخصا مشردين بلا مأوى، بحجة أن المفتي العام السابق الشيخ عكرمة صبري كان يسكن هناك.
وأوضحت الصحيفة الإسرائيلية -في تقرير بقلم جدعون ليفي وأليكس ليفاك- أن المبنى المقصود يقع على جبل الزيتون بالقدس الشرقية، وتسكنه أسر من الطبقة المتوسطة والعليا، وهم يدركون أن الإجراءات البيروقراطية المتبعة في بنائه كانت معيبة، ولكنهم يعيشون فيه منذ أكثر من 20 عاما، وكانوا متأكدين أنه سيشرع بأثر رجعي.
ويقول السكان إن الإجراءات اللازمة كانت جارية، معتقدين أن سبب اختياره للهدم أن الشيخ عكرمة (86 عاما) الذي شغل منصب مفتي القدس من عام 1994 إلى عام 2006، استأجر شقة في الطابق الأرضي منه قبل بضعة أشهر.
ويبدو -حسب الصحيفة- أن المنظمات اليهودية اليمينية المتطرفة عازمة على هدم المبنى بسبب المستأجر السابق للشقة رقم 1، باعتباره أهم شخصية مسلمة بالمدينة، والمشرف على الأماكن المقدسة الإسلامية هناك، وبالفعل تظاهر نشطاء اليمين هناك أكثر من مرة مؤخرا، وشتموا الشيخ وهددوا بهدم المبنى.
مفارقة كبيرة
وفي الأسبوع الماضي، علق إشعار على باب كل شقة، تعلن فيه “الوحدة الوطنية لتطبيق قوانين التخطيط والبناء” عزمها على تنفيذ عملية هدم البناء وتطلب إخلاءه قبل يوم 26 يوليو/تموز، مذكرة بعدم مسؤولية الدولة عن الأضرار التي تلحق بالممتلكات إذا لم يخل المبنى كما هو محدد”.
وبعد أن أذنت محكمة القدس المركزية بالهدم، استأنف أصحاب الشقق لدى المحكمة العليا، التي أصدرت أمرا بوقف الإجراءات ريثما تتلقى توضيحا من الدولة بشأن خطتها، وأمهل القاضي خالد كبوب الحكومة حتى 7 أغسطس/آب للرد، فكان رد فعل الجماعات اليمينية هو استهداف كبوب في وسائل الإعلام، مدعية أنها وجدت صلة بينه وبين المفتي السابق.
وذكرت الصحيفة الإسرائيلية بأن الوحدة الوطنية لتطبيق قوانين التخطيط والبناء كانت تابعة لوزارة الداخلية، ولكنها نقلت إلى المالية، قبل أن تنقل في يونيو/حزيران 2024 إلى وزارة الأمن برئاسة إيتمار بن غفير.
من المفارقات أن بن غفير نفسه، الذي يدعم البناء غير القانوني والفوضوي وغير المنظم في المستوطنات والبؤر الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية، هو المسؤول عن تطبيق قوانين التخطيط والبناء
ومن المفارقات أن بن غفير نفسه -الذي يدعم البناء غير القانوني والفوضوي وغير المنظم في المستوطنات والبؤر الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية- هو المسؤول عن “تطبيق قوانين التخطيط والبناء” مما يظهر أن المستهدف هم السكان الفلسطينيون الذين لا يستطيعون البناء بشكل قانوني، في ظل غياب الخطط الهيكلية وتصاريح البناء التي ترفض الدولة الإسرائيلية منحها.
وكان البناء المستهدف بالهدم قد اكتمل بناؤه عام 2003، وهو يضم 17 شقة، ويقول السكان إنهم اكتشفوا بعد انتقالهم إليه عدم وجود تصريح بناء، لكن المقاول أكد لهم أنه قيد الانتظار قبل أن ينتقل إلى مصر، وعندها شرعت المجموعة في حملة قانونية مطولة لتقنين المبنى.
ويقول السكان إن العملية كانت شبه منتهية، ولكن هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول جعل حدا لها، وخاصة بعد أن ألقى الشيخ عكرمة في المسجد الأقصى خطبة لاذعة، وأعلن معسكر اليمين الحرب عليه.

أين يذهبون؟
وقالت الصحيفة إن موقف وحدة إنفاذ القانون سوف يعلن الأسبوع المقبل في المحكمة العليا، وفي انتظار ذلك يجلس ممثلو 140 شخصا في الشارع، قلقين للغاية بشأن مستقبلهم، لأن الشقق باهظة الثمن في القدس الشرقية، ولا أحد بينهم يستطيع شراء منزل آخر.
وتساءلت الصحيفة إلى أين سيذهب هؤلاء؟ ليقول يوسف أبو حمد (60 عاما) الذي يسكن في المبنى مع أبنائه وأحفاده “نطلب القليل من الشفقة. إنهم يحرضون علينا. لا نملك حتى القدرة على استئجار شقق. نطلب المساعدة في تقنين المبنى، كما نطلب من المجتمع الدولي أن يمد يده ويستخدم نفوذه لوقف الهدم. نحن بشر. نحن سكان إسرائيل، ونناشد كل من يستطيع المساعدة أن يتدخل”.
ويقول عيسى شرباتي، وهو صحفي يسكن في المبنى مع والديه وزوجته وأطفالهما الأربعة، إنه -طوال سنوات تغطيته لعمليات هدم المنازل بالقدس الشرقية- لم يقرر هدم مبنى بهذا الحجم قط، مؤكدا أن السبب هو المفتي السابق. ويروي نضال جبران، وهو أب 5 أبناء وحفيدين، أن مفتشي البلدية زاروا المبنى وأبلغوا السكان بأنه من المقرر هدمه اليوم التالي لخطبة الشيخ عكرمة بالمسجد الأقصى.
وفي معرض شرحهم لقضيتهم، أشار السكان إلى أن عائلة نيروح -التي تسكن في الطابق الثاني- لديها 3 أطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، متسائلين أين سيذهبون؟ وقال جبران إن “جميع شاغلي المبنى أبرياء من أي ذنب. الجميع يريدون العيش بسلام. ليس لدينا مكان نذهب إليه إذا هدم المبنى. لو لم يكن المفتي يعيش هنا، لما اقتربوا منا. هناك العديد من المباني غير القانونية، ويتم تقنينها”.