دعت الرئاسة السورية كل الأطراف في جنوب البلاد لضبط النفس وتغليب صوت العقل. وأكدت في بيان اليوم الجمعة على أن الجهات المختصة تعمل لإرسال قوة لفض الاشتباك وحل النزاع بالسويداء بالتوازي مع إجراءات سياسية.

جاء ذلك فيما دخل عدد من مقاتلي العشائر أحياء في مدينة السويداء بعد اشتباكات مع عناصر مسلحة بحسب مراسل الجزيرة.

وقالت الرئاسة إن الهجوم على العائلات الآمنة والتعدي على كرامة الناس “أمر مدان ومرفوض ولن يقبل بأي ذريعة”، موضحة أن الأحداث المؤسفة بالجنوب “سببها اتخاذ مجموعات خارجة عن القانون السلاح وسيلة لفرض أمر واقع”.

وأضافت الرئاسة السورية “لا نقابل الفوضى بالفوضى، بل نحمي القانون بالقانون ونرد على التعدي بالعدالة”.

وشدد بيان الرئاسة على أن الهجوم على العائلات الآمنة والتعدي على كرامة الناس “أمر مدان ومرفوض ولن يقبل بأي ذريعة”، مؤكدا أن سوريا دولة لكل أبنائها بمختلف انتماءاتهم ومكوناتهم من الطائفة الدرزية والبدو على حد سواء.

في الأثناء، قال المبعوث الأميركي إلى سوريا توم باراك إن “اتفاقا تم بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس السوري أحمد الشرع بدعمٍ أميركي على وقف إطلاق نارٍ في السويداء، وتبنته تركيا والأردن”.

ودعا المبعوث الأميركي الدروز والبدو والسنة لإلقاء السلاح والعمل لبناء هوية سورية جديدة.

مئات القتلى

من جهة أخرى، أعلنت وزارة الصحة السورية مقتل 260 شخصا وإصابة 1698 خلال الأحداث التي شهدتها محافظة السويداء.

ميدانيا، قالت الإخبارية السورية إن “الأمن الداخلي يمنع دخول أي أرتال مسلحة من العشائر العربية باتجاه مدينة السويداء عبر طريقي دمشق ودرعا”.

ونفت وزارة الداخلية السورية، في وقت سابق الجمعة، دخول قوى الأمن إلى محافظة السويداء.

وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية نور الدين البابا “تناقلت بعض الوكالات والقنوات الإعلامية أخبارا غير دقيقة حول دخول قوى الأمن الداخلي إلى محافظة السويداء” بحسب “الإخبارية السورية” مؤكدا “عدم صدور أي تصريح رسمي بهذا الخصوص وننفي بشكل قاطع صحة ما نشر، محملين الجهات الإعلامية مسؤولية نقل معلومات غير موثوقة”.

وأضاف البابا أن قوات وزارة الداخلية في “حالة جاهزية طبيعية دون أي تحرك أو انتشار في المحافظة حتى اللحظة”.

وقال مصدر أمني سوري، للجزيرة، إنّ وزارة الداخلية السورية بدأت بتجهيز قوات من الشرطة للدخول إلى محافظة السويداء، لفرض الاستقرار وحماية المواطنين.

وأضاف المصدر نفسه أن هذا الإجراء يأتي بعد مناشدات وُجهت للوزارة، للتدخل واحتواء الموقف في محافظة السويداء، وفرض الأمن والاستقرار. وأفاد مراسل الجزيرة بأنّ الاشتباكات في السويداء ما زالت مستمرة منذ ساعات الليل، ولم تتوقف في عدد من المحاور.

معارك واتهامات

وأكد مراسل الجزيرة أن الاشتباكات وصلت إلى أحياء السويداء من الجهتين، الشمالية والشمالية الغربية، عقب وصول تعزيزات من العشائر من محافظات سورية أخرى.

وكان مقاتلو العشائر بدؤوا هجوما، ودخلوا قرى عدة في ريف السويداء، على خلفية انتهاكات نفذتها فصائل محلية في السويداء بحق سكان المحافظة من البدو، وفقا لما ذكرته وكالة الأنباء السورية.

وشملت الانتهاكات، وفق الوكالة، إعدامات ميدانية، وحرق منازل، “حدثت بعد انسحاب قوات وزارتي الدفاع والداخلية.”

في المقابل قالت فصائل عسكرية محلية درزية إن هجمات يشنها مقاتلون من عشائر البدو على مدينة السويداء لا تزال مستمرة. مشيرة في بيان لها إلى أنها تتصدى لتلك الهجمات، وتمنع تقدمها من عدة محاور.

واتهمت الفصائل، مقاتلي عشائر البدو بتنفيذ عمليات حرق للمنازل ولمحال المدنيين، في ظل صمت مريب وتسهيلات مكشوفة من الحكومة المؤقتة.

ووصف رئيس عشائر الجنوب السوري، الشيخ راكان الخضير الأوضاع في محافظة السويداء بالصعبة للغاية؛ وقال إن الحل “هو الإفراج عن المحتجزين، وعودة أبناء العشائر إلى قراهم”، مضيفا: على الدولة السورية “تحمل مسؤوليتها لحماية كل السوريين من العشائر والدروز” موضحا أنه إذا “لم تكن الدولة قادرة على ضبط الأمن، فإن العشائر ستتولى الأمر بنفسها”.

وكانت طائرات مسيرة إسرائيلية شنت فجر اليوم الجمعة غارات استهدفت مواقع داخل محافظة السويداء جنوبي سوريا، بالتزامن مع توغل مقاتلي العشائر وسيطرتهم على قرى في ريف السويداء الغربي، عقب اشتباكات مع مجموعات خارجة عن القانون.

تأتي الغارات الإسرائيلية المتواصلة على خلفية إعلان إسرائيل أنها لن تسمح بمهاجمة الدروز.

وأعلنت إسرائيل اليوم الجمعة عن إرسال طرود غذائية ومعدات طبية ومستلزمات إسعافات أولية وأدوية، للدروز في السويداء.

وكانت الحكومة السورية والدروز الذين يشكلون أغلبية في محافظة السويداء قد توصلوا إلى اتفاق لوقفٍ لإطلاق النار بعد قتال اندلع يوم الأحد الماضي.

مقاتلون من العشائر البدوية في بلدة المزرعة بريف السويداء جنوب سوريا 18يوليو/تموز 2025 (الأوروبية)

650 بين قتيل وجريح

من جانبها أكدت وزارة الصحة التزامها الكامل والمستمر بتقديم الرعاية الطبية العادلة والشاملة لكل السوريين في كل مكان.

ونقلت “الإخبارية السورية” عن الوزارة القول إنها فعّلت منذ اللحظة الأولى لاندلاع الأحداث خطة طوارئ صحية وشكّلت فريق متابعة تقنيًّا يعمل بشكل متواصل لتأمين الاستجابة السريعة.

وقالت إن عدد الشهداء بلغ 260 شهيدا موضحة أنه تم حتى الآن استقبال 1698 حالة تراوحت شدتها بين خفيفة ومتوسطة، ومنها 425 حالة حرجة، وتمت الاستجابة من خلال 57 سيارة إسعاف حيث تم نقل 1022حالة لبقية المحافظات.

بدوره، أعلن وزير الطوارئ وإدارة الكوارث السوري رائد الصالح أن أكثر من 650 شخصا سقطوا ما بين قتيل وجريح منذ يوم الخميس.

وقال الصالح في منشور عبر منصة “إكس” اليوم الجمعة “مند صباح أمس الخميس تم إسعاف أكثر من 570 جريحا، ونقل 87 من الضحايا الذين قتلوا جراء التصعيد، وتم إخلاء مئات العائلات إلى مناطق أكثر أمانا”.

وأضاف الصالح: منذ بداية الأحداث المؤسفة وفي ظل الظروف الأمنية والإنسانية الصعبة التي تشهدها محافظة السويداء، وتلبيةً لنداءات المواطنين فيها، قامت الوزارة بتشكيل غرفة عمليات مشتركة تضم ممثلين عن الوزارات والمؤسسات الحكومية، والدفاع المدني السوري، ومنظمات محلية إنسانية ومؤسسات خدمية، تعمل على مدار الساعة لتقديم خدمات الإغاثة والإخلاء والإسعاف للمواطنين.

إلى ذلك، أعلنت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 321 وسقوط 436 جريحا منذ اندلاع النزاع.

شاركها.