18/7/2025–|آخر تحديث: 13:34 (توقيت مكة)
مرّ أكثر من شهر منذ تعيين السياسي والأكاديمي السوداني كامل إدريس رئيسا للوزراء، وسط آمال شعبية بأن يتمكن من ملء الفراغ التنفيذي الذي لازم مؤسسات الدولة منذ أكثر من عامين. لكن التأخر في إعلان التشكيل الكامل للحكومة يثير تساؤلات متزايدة حول قدرتها على العمل في ظل ظروف سياسية وأمنية معقدة.
وأدى إدريس اليمين الدستورية في 31 مايو/أيار الماضي أمام رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان، ليصبح أول رئيس وزراء مدني يُمنح “صلاحيات كاملة” منذ إجراءات الجيش في أكتوبر/تشرين الأول 2021 التي أطاحت بالحكومة المدنية السابقة بقيادة عبد الله حمدوك.
وبحسب الإعلان، فإن تشكيلة إدريس ستتألف من 22 وزارة، وقد أطلق عليها اسم “حكومة الأمل” حيث إنها ستكون من ذوي “كفاءات وطنية لا حزبية وتمثل صوت الأغلبية الصامتة”.
لكن حتى منتصف يوليو/تموز، لم يُعلن سوى عن 15 وزيرا، في عملية تعيين متقطعة بدأت بوزيري الداخلية والدفاع، ثم الصحة والزراعة والتعليم العالي، وتواصلت على دفعتين أخريين شملت المالية والعدل والحكم الاتحادي والتجارة والشؤون الدينية، ثم الإعلام والثروة الحيوانية والمعادن والرعاية الاجتماعية والبنية التحتية.
تأخير يبدد الآمال
ويرى تقرير لوكالة الأناضول التركية للأنباء أنه رغم الأهمية الرمزية والسياسية لتعيين إدريس، فإن التأخير في إكمال تشكيل الحكومة أدى لتآكل الأمل تدريجيا لدى الشعب السوداني، خاصة في ظل استمرار الحرب بين قوات الجيش بقيادة البرهان والدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) منذ أبريل/نيسان 2023.
وأسفرت هذه الحرب عن أكثر من 20 ألف قتيل رسميا، وتسببت في نزوح قرابة 15 مليون شخص داخليا وخارجيا، وفق تقديرات أممية. وفي المقابل، تشير دراسة لجامعات أميركية إلى أن عدد القتلى قد يقترب من 130 ألفا.
تعقيدات سياسية
ويعزو المحلل السياسي عثمان فضل الله هذا التأخير إلى الصراعات الداخلية بين المكونات العسكرية والمدنية التي تدعم السلطة في بورتسودان المقر المؤقت للحكومة.
وقال للأناضول إن توسيع دائرة التشاور بين إدريس والمجلس السيادي والجيش والحركات المسلحة وقوات المجتمع المحلي يؤخر التوصل إلى توافق في الآراء.
وأضاف فضل الله أن “رؤية إدريس لتشكيل حكومة تكنوقراط مستقلة عن الحصص السياسية والقبلية غير قابلة للتطبيق نظرا لتزايد نفوذ الجماعات القبلية والمليشيات الإقليمية ومطالبتها بالتمثيل في الحكومة”.
وأشار إلى أن إدريس “اصطدم بمطالب الحركات المسلحة، التي ينص اتفاق جوبا للسلام على منحها 25% من مقاعد الحكومة” مما زاد من تعقيد التوافق المطلوب لتشكيل الحكومة.
ولادة متعثرة
من جهته، يرى المحلل السياسي محمد سعيد أن هذا التأخير “متوقع” لأن “القرار النهائي بشأن التعيينات ليس بيد رئيس الوزراء وحده، بل يشارك فيه العسكر في مجلس السيادة، وهو ما يستغرق وقتًا طويلًا في التفاهمات”.
وأشار سعيد إلى أن هذا الوضع يعكس “ولادة متعثرة” لحكومة قد تواجه صعوبة في تحقيق الانسجام والتناغم بين مكوناتها.
واعتبر أن إدريس “لن يكون صاحب قرار مستقل، بل رئيس حكومة تنفيذية تنفذ ما يُملى عليها من مجلس السيادة” مما يحدّ من فعالية دوره التنفيذي، رغم التصريحات الرسمية بمنحه صلاحيات كاملة.
ومنذ الإطاحة بالرئيس عمر البشير في أبريل/نيسان 2019، لم تعرف البلاد استقرارا سياسيا حقيقيا. فقد تشكلت آنذاك سلطة انتقالية بشراكة بين المدنيين والعسكريين بموجب “وثيقة دستورية” لكنها لم تدم طويلا، وانتهت بانقلاب البرهان في أكتوبر/تشرين الأول 2021.
ومنذ ذلك الحين، تعثرت كل المبادرات الإقليمية والدولية لإعادة الانتقال المدني أو وقف الحرب المستمرة. ورغم تشكيل حكومة إدريس، فإن الانقسامات والتحديات الميدانية، خصوصا على خلفية الحرب، لا تزال تهدد بإفشال أي جهود لإعادة الاستقرار.